بَابٌ فِي الْمُرُوءَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمُرُوءَةُ هِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرْكُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا كَتَرْكِ الِانْتِعَالِ فِي بَلَدٍ يُسْتَقْبَحُ فِيهِ مَشْيُ مِثْلِهِ حَافِيًا وَعَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ ذَمَّهُ عُرْفًا كَالْأَكْلِ عِنْدَنَا فِي السُّوقِ أَوْ فِي حَانُوتِ الطَّبَّاخِ لِغَيْرِ الْغَرِيبِ وَنَقَلَ قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِ الزَّاهِي الْمُرُوءَةُ مَا سَمَحَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] فَالْعَدْلُ الْحَقُّ وَالْإِحْسَانُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ " هِيَ الْمُحَافَظَةُ " (فَإِنْ قُلْتَ) صَيَّرَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجِنْسَ لِلْمُرُوءَةِ الْمُحَافِظَةِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْعَدَالَةِ وَلَمْ يَقُلْ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صِفَةٌ مَظِنَّةٌ تُحْمَلُ عَلَى فِعْلِ إلَخْ فَمَا سِرُّ ذَلِكَ وَهَلَّا قَالَ فِي الْجَمْعِ صِفَةٌ أَوْ قَالَ الْمُحَافَظَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ (قُلْتُ) لَمَّا كَانَتْ الْمُرُوءَةُ مَأْخُوذَةً فِي حَدِّ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ تُحْمَلُ عَلَى تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ وَفِعْلِ الْمُرُوءَةِ كَانَتْ فِعْلًا مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى فِعْلِ مَا يَشِينُ تَرْكُهُ فَنَاسَبَ الْإِتْيَانَ بِالْمُحَافَظَةِ فِي جِنْسِ الْمُرُوءَةِ وَبَقِيَّةُ حَدِّهِ ظَاهِرٌ فِي إخْرَاجِهِ وَإِدْخَالِهِ وَهُوَ أَجْمَعُ وَأَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الزَّاهِيِّ وَكَلَامُ الزَّاهِيِّ فِيهِ إشْكَالٌ فَتَأَمَّلْهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا سَمَحَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ فَهَذَا غَايَةُ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَأْمُورَاتُ الْمُتَطَوَّعُ بِفِعْلِهَا أَوْ بِتَرْكِهَا ثُمَّ قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ إلَخْ وَقَدْ فَسَّرَ الْعَدْلَ وَالْإِحْسَانَ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ فَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى قِيلَ وَإِنَّمَا كَانَ تَرْكُ الْمُرُوءَةِ جُرْحَةً لِأَنَّ تَرْكَهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ مَانِعِ الشَّهَادَة]
(م ن ع) : بَابُ الْمَانِعِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَانِعُ مَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إيجَابِهِ رَفَعَ مَا ثَبَتَ مُقْتَضَى ثُبُوتِهِ الْمُرَادُ هُنَا مَانِعُ الشَّهَادَةِ فِيمَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهَا وَيَصِحُّ حَدُّهُ لِلْمَانِعِ مِنْ الْحُكْمِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ مَا قَامَ الشَّيْءُ الَّذِي قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إيجَابِهِ رَفَعَ الشَّيْءَ الَّذِي ثَبَتَ مُقْتَضَى ثُبُوتِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا يُقَالُ الدَّيْنُ ثَبَتَ أَنَّهُ مَانِعٌ لِشَيْءٍ اقْتَضَى النِّصَابُ ثُبُوتَهُ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ وَفِي غَيْرِهَا وَذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ شَرْعِيٍّ قَادِحٍ فِي أَعْمَالِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَقَعُ التَّجْرِيحُ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يُعَرِّفْ الشَّيْخُ التَّجْرِيحَ وَالتَّعْدِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute