وَابْنُ بَشِيرٍ وَهُمَا مُتَدَاوَلَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْإِحَاطَةُ عَلَى الْبَشَرِ مُتَعَذِّرَةٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا وَقَعَ إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ إلَى فَرْقٍ مِنْ غَيْرِ بَسْطٍ وَالْمَطْلُوبُ بَسْطُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَتَدَبَّرَهُ (قُلْت) لَا يَخْفَى ضَعْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ يُحَصِّلُ الْفَرْقَ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْإِحَاطَةُ إلَخْ فِيهِ بَحْثٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّهَادَةِ مِنْ الرِّوَايَةِ مَا يَتَضَمَّنُ حُكْمَهَا فَهُمَا صِنْفَانِ مِنْ نَوْعِ الْخَبَرِ الْمُتَضَمَّنِ حُكْمًا وَمَا الْخَبَرُ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا فَهُوَ نَوْعٌ آخَرُ لِمُطْلَقِ الْخَبَرِ فَهُوَ قَسِيمٌ لَهُمَا فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ النَّقْضُ بِنَحْوِ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١] وَخَبَرِ ذِي السَّوِيقَتَيْنِ وَخَبَرِ الدَّجَّالِ وَإِنَّمَا يُورِدُ ذَلِكَ مَنْ تَوَهَّمَ اشْتِبَاهَ الشَّهَادَةِ بِمُطْلَقِ الْخَبَرِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ خَبَرٌ مُقَيَّدٌ وَالْمُقَيَّدُ لَا يَلْتَبِسُ بِالْمُطْلَقِ بَلْ بِمُقَيَّدٍ مِثْلِهِ هَذَا اخْتِصَارُ بَحْثِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَأَمَّلْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْفَائِدَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى لِأَنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَقَضَ عَلَى الرَّسْمِ لِلْخَبَرِ فِي قَوْلِهِ الْخَبَرُ الْمُتَعَلِّقُ بِكُلِّيٍّ فَلَا شَكَّ فِي النَّقْضِ بِمَا ذَكَرَهُ بِالْآيَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ عَدَمَ الِانْعِكَاسِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ الرَّادُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْعِنَايَةِ فِي الرَّسْمِ وَهَذَا مَا يَظْهَرُ فِي هَذَا الرَّسْمِ وَمَا وَجَدْته فِيهِ لِلْمَشَايِخِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَهُوَ الْهَادِي إلَيْهِ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ.
[بَابٌ فِي شُرُوطِ الشَّهَادَةِ فِي الْأَدَاءِ]
ِ قَالَ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فِي عُمُومِهَا وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ فَالْإِسْلَامُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْمُبْتَدِعِ وَالْعَقْلُ كَذَلِكَ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّ عَلَيْهِ وَالْبُلُوغُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ وَانْظُرْ بَاقِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ قَوْلَهُ فِي عُمُومِهَا.
[بَابُ الْعَدَالَةِ]
(ع د ل) : بَابُ الْعَدَالَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ أَشَارَ إلَى كَلَامِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْفُقَهَاءِ وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَيْهَا قَالَ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ وَلِذَا عَرَّفَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كِتَابَيْهِ الْأَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute