بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا بِالصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَحْكُومٌ بِهَا شَرْعًا فَيُقَالُ: الْقَاضِي حَكَمَ بِهَا، الْقَاضِي أَبْطَلَهَا وَمُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ لَيْسَ هُوَ الصِّفَةَ الْحُكْمِيَّةَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي غَيْرِ هَذَا فَلِذَا عَيَّنَ مَا رَأَيْت هُنَا وَخَصَّ فِي الطَّهَارَةِ مَا ذَكَرَ هُنَاكَ وَهَذَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ؛ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ حُكْمُ الْقَاضِي إنَّمَا تَعَلَّقَ بِإِلْزَامِ أَخْذِ الشِّقْصِ أَوْ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الْبَاحِثِ مَا ذَكَرَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُوَرِّدُ فِي رَسْمِهِ مِنْ ذِكْرِ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرٌ أَنَّهُ قَصَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ الطَّلَبَ وَالصَّوَابُ حَمْلُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَاخْتَرْنَاهُ وَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ إلَى الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ فَأَوَّلَ مُرَادَ الشَّيْخِ ذَلِكَ وَعَدَلَ عَنْ الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْتَرَضَهُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّيْخَ إنَّمَا يَقُولُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ حَيْثُ تَكُونُ الصِّفَةُ تُلْزِمُ حُصُولَ سَبَبٍ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا كَالتَّوَضِّي فِي الطَّهَارَةِ وَالتَّوَجُّهِ مَعَ النِّيَّةِ فِي الْإِحْرَامِ وَالتَّلَفُّظِ فِي الطَّلَاقِ وَالْقَبُولِ فِي الْقَضَاءِ وَالشُّفْعَةُ هُنَا لَا يَتَقَرَّرُ فِيهَا ذَلِكَ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَاك وَالصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ مَا قُلْنَاهُ وَرَأَيْت لِلشَّيْخِ الْمَذْكُورِ إنْ قَالَ يَصِحُّ فِي الشُّفْعَةِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا: كَوْنُ الشَّرِيكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ شَرِيكٌ أَحَقَّ بِأَخْذِ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[بَابُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ]
(ء خ ذ) : بَابُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْآخِذُ وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ هُوَ الشَّرِيكُ فِيمَا الشِّقْصُ الْمَبِيعُ بَعْضُهُ حِينَ بَيْعِهِ غَيْرُهُ. قَالَ فَلَا يُدْخِلُ بَائِعٌ بَعْضَ شِقْصِهِ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا حِينَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ مِنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ " الشَّرِيكُ " أَخْرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِشَرِيكٍ وَهُوَ جِنْسٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُحْبِسُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ " قَوْلُهُ فِيمَا الشِّقْصُ الْمَبِيعُ بَعْضُهُ " أَخْرَجَ بِهِ الشَّرِيكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشِّقْصِ قَوْلُهُ " حِينَ بَيْعِهِ غَيْرَهُ " قَالَ يَخْرُجُ بِهِ بَائِعُ بَعْضِ شِقْصِهِ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا حِينَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ مِنْ غَيْرِهِ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ دَارٌ شَرِكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُ الشِّرْكَيْنِ نِصْفَ نِصْفِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَالشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ وَلَا يَدْخُلُ هُوَ وَإِنْ كَانَ حِينَ بَيْعِهِ شَرِيكًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَبِهَذَا اعْتَرَضَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِهِ.
(فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ قُلْت: إنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute