[بَابُ مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ مِنْ الرَّضِيعِ مِنْ مُرْضِعِهِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (يَثْبُتُ أُمُومَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأُبُوَّةُ مَنْ لَهُ اللَّبَنُ بِوَطْءٍ يَلْحَقُ وَلَدُهُ بِهِ كَالْوِلَادَةِ) قَوْلُهُ " أُمُومَةُ الْمُرْضِعَةِ " أَطْلَقَ فِي الْمُرْضِعَةِ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَرِيَّةً أَوْ بِغَيْرِ زَوْجٍ كَمَا إذَا دَرَّتْ الْبِكْرُ عَلَى صَبِيٍّ وَإِذَا تَقَرَّرَتْ الْأُمُومَةُ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ كَانَ أَخًا لِلرَّضِيعِ إمَّا شَقِيقًا أَوْ لِأُمٍّ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا قَوْلُهُ " وَأُبُوَّةُ مَنْ لَهُ إلَخْ " أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَةَ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَإِنَّهُ صَاحِبُ اللَّبَنِ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ وَطْءٌ مِنْهُ لِلزَّوْجَةِ مِنْ صِفَةِ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ وَطْءٌ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ وَطْءٌ بَلْ وَقَعَ مِنْهُ عَقْدٌ كَمَا إذَا دَرَّتْ الْبِكْرُ وَرَضِعَهَا صَبِيٌّ وَكَانَ رَجُلٌ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْأُبُوَّةُ لِلزَّوْجِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَيَّرَهَا مَحَلَّ نَظَرٍ فَانْظُرْهُ قَوْلُهُ " يَلْحَقُ وَلَدُهُ بِهِ " أَخْرَجَ وَلَدَهُ بِهِ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ اللَّبَنَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا فِي حَقِّ صَاحِبِ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ فِيهِ وَلَدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مُدَّةُ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ فِي النِّكَاحِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ تَزَلْ الزَّوْجَةُ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا وَإِنْ فَارَقَهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِنَّ اللَّبَنَ لَا يَزَالُ مَحْكُومًا بِهِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ كَخَمْسِ سِنِينَ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ فِيهَا وَلَدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ وَيَكُونُ أَشَارَ إلَى مَا يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّبَنُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الِاحْتِرَازُ مِنْ الزِّنَا إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ " كَالْوِلَادَةِ " يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْوِلَادَةَ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ يَثْبُتُ بِهَا حُكْمُ الْأُبُوَّةِ أَوْ الْأُمُومَةِ فَكَذَا فِي الرَّضَاعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ فِي النِّسْبَةِ الْمُلْغَاةِ فِي الرَّضَاعِ]
(ن س ب) : بَابٌ فِي النِّسْبَةِ الْمُلْغَاةِ فِي الرَّضَاعِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا النِّسْبَةُ الَّتِي لَمْ تُمَاثِلْ النِّسْبَةَ فِي النَّسَبِ أَوْ الْوِلَادَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النِّسْبَةَ فِي النَّسَبِ تَقَدَّمَ مَا يَجْمَعُهَا فِي ضَابِطِهَا وَهِيَ السَّبْعُ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّسَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute