قَوْلُهُ لَا يَبْطُلُ بِمَا تَمْنَعُهُ صِفَةٌ لِلصِّفَةِ أَوْ حَالٌ وَزَادَ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ إحْرَامَ غَيْرِهَا يَبْطُلُ بِمَمْنُوعِهِ كَإِحْرَامِ الصَّلَاةِ وَإِحْرَامِ الِاعْتِكَافِ وَإِحْرَامِ الصَّوْمِ وَهَذِهِ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِالْبُطْلَانِ قَطْعُهَا أَيْ لَا يَجِبُ قَطْعُهَا بِحُصُولِ مَمْنُوعِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَمْنُوعُ مِمَّا يُفْسِدُ الْحَجَّ كَالْوَطْءِ لِأَنَّ مَمْنُوعَاتِ الْحَجِّ مِنْهَا مُفْسِدٌ وَغَيْرُ مُفْسِدٍ هَذَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِّ وَفِيهِ بَحْثٌ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا الْأَخِيرُ أَيُّ شَيْءٌ أَخْرَجَ بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْإِحْرَامَاتِ الَّتِي شَارَكَتْ هَذَا الْإِحْرَامَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصِّفَاتِ (قُلْتُ) كَانَ يَمْضِي لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يُخْرَجُ بِهِ لِأَنَّ إحْرَامَ الصَّلَاةِ إنْ سُلِّمَ دُخُولُهُ فَلَا يُشَارِكُ الْإِحْرَامَ الْمَذْكُورَ فِيمَا ذُكِرَ وَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَالصِّيَامُ وَلَمْ يُبَيِّنْ بِهِ إلَّا زِيَادَةً خَاصَّةً لِهَذَا الْإِحْرَامِ.
[بَابُ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إحْرَامُ الْحَجِّ]
(ع م ر) : بَابُ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إحْرَامُ الْحَجِّ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " فَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَوَجُّهِ الْمَاشِي أَوْ اسْتِوَاءِ الرَّاكِبِ عَلَى رَاحِلَتِهِ " قَوْلُهُ " بِالنِّيَّةِ " هُوَ قَرِيبٌ مِمَّا مُيِّزَ بِهِ إحْرَامُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاؤُهَا مُقَارِنًا لِنِيَّتِهَا وَتَأَمَّلْ مَا سِرُّ تَلْوِينِهِ فِي الْعِبَارَةِ هُنَا مَعَ مَا فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَهُنَا صَيَّرَ مِثْلَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي الْإِحْرَامِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ قَوْلُهُ " ابْتِدَاءِ تَوَجُّهِ الْمَاشِي " يُرِيدُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَاجِلًا. قَوْلُهُ " أَوْ اسْتِوَاءِ إلَخْ " هَذَا فِي الرَّاكِبِ وَلَا يُزَادُ التَّلْبِيَةُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ إلَّا مَا وَقَعَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاللَّخْمِيِّ (فَإِنْ قُلْتَ) وَقَعَ فِيهَا إذَا قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَهُوَ يَوْمَ يُكَلِّمُهُ مُحْرِمٌ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ نِيَّةِ مَا أُضِيفَ إلَيْهَا (قُلْتُ) تَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِإِنْشَاءِ إحْرَامٍ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ إنْشَاءٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ وَعَلَى الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَذَكَرَ الشَّيْخُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَعْنَاهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute