هَذَا فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يُنْجِي مِنْ الِاعْتِرَاضِ إذَا تُؤُمِّلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ]
(ب ي ع) : بَابُ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ نُقِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ قَالَ " تَنَاوُلُ عَقْدِ الْبَيْعِ لُزُومًا بَيْعَتَيْنِ عَلَى أَنْ لَا يَتِمَّ مِنْهُمَا إلَّا وَاحِدَةٌ " قَالَ كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ وَآخَرَ بِدِينَارَيْنِ يَخْتَارُ أَيَّهمَا شَاءَ لَازِمًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ قَالَ تَنَاوُلُ الْبَيْعِ مَبِيعَيْنِ لَا يَتِمُّ مَعَ لُزُومِهِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا فِي أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَقُلْنَا فِي أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ لَا أَحَدِ الثَّمَنَيْنِ وَلَا أَحَدِ الْمَثْمُونَيْنِ لِيَعُمَّ الْأَمْرَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ صَحَّ الْجِنْسُ فِي حَدِّ الشَّيْخَيْنِ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ بِقَوْلِهِمَا تَنَاوُلُ وَالتَّنَاوُلُ لَا يَصْدُقُ مَعْنًى عَلَى الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (قُلْتُ) هَذَا يُفْهَمُ عَنْ الشَّيْخِ أَنَّهُ رَدَّهُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَالْأَوْلَى مَا يَخُصُّ مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ فَعَدَلَ عَنْ الْجِنْسِ الْمَذْكُورِ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ بَيْع إلَخْ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ لَا التَّنَاوُلُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّ مَا قُلْته فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَجِبُ لَا أَنَّهُ يَقُولُ وَالْأَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ جَعْلِهِ جِنْسًا وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قُلْتُ) تَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ الْجَوَابُ عَنْ مِثْلِهِ وَالتَّنَاوُلُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الشُّمُولِ أَيْ أَنْ تَشْتَمِلَ عُقْدَةُ الْبَيْعِ وَبَيْعَتَيْنِ مَفْعُولٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَلُزُومًا حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْعَامِلُ الْمُضَافُ قَدْ اقْتَضَى الْعَمَلَ قَوْلُهُ " عَلَى أَنْ لَا يَتِمَّ " إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَيْسَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهُوَ حَالٌ أَيْضًا فَالْحَالُ الْأُولَى أَخْرَجَ بِهَا الْخِيَارَ وَالثَّانِيَةُ أَخْرَجَ بِهَا لُزُومَ الْبَيْعَتَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَعْرِيفُ الْبَاجِيِّ يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ أَشَارَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ الْمَذْكُورِ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ صُوَرٌ جَائِزَةٌ كَمَا إذَا بَاعَ لَهُ ثَوْبًا بِدِينَارٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ بِدِينَارٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ لَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَوَقَعَ التَّسَاوِي فِي الثَّوْبَيْنِ وَفِي صِفَةِ الثَّمَنَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ جَائِزَةٌ وَيَصْدُقُ عَلَيْهَا الرَّسْمُ وَالْغَرَضُ هُنَا لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَخْتَارُ الْمَثْمُونَ الْمُسَاوِي لِصَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ الْقَلِيلِ فَحَدُّ الْبَاجِيِّ يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute