وَالْوُجُوبُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوُضُوءِ وَمَنْ قَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا فَهُوَ الْأَوَّلُ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَهُوَ الْأَوَّلُ أَيْضًا وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضَ يَوْمِهَا فَهُوَ الْقَائِلُ بِالْبَدَلِيَّةِ وَفِيهِ بَحْثٌ فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي رَسْمِهَا " رَكْعَتَانِ " وَهُوَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الصُّبْحَ وَصَلَاةَ الْقَصْرِ وَغَيْرَهُمَا وَ " تَمْنَعَانِ وُجُوبَ ظُهْرٍ " مُخَرَّجٌ لِمَا ذُكِرَ لِعَدَمِ مَنْعِهِمَا ذَلِكَ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ الْمَشْهُورِ الَّذِي وَجَّهَ بِهِ الْمَازِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِذَلِكَ قَالَ " عَلَى رَأْيٍ " وَقَوْلُهُ " أَوْ تُسْقِطُهَا عَلَى آخَرَ " أَشَارَ إلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ وَأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الظُّهْرُ فِي الْأَصْلِ وَالْجُمُعَةُ بَدَلٌ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الشَّيْخُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي مَوْضُوعِهَا تُرَدَّدُ لِمَا وُضِعَتْ فِيهِ بَيْنَ الْمَشَايِخِ كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْ تُسْقِطَانِهِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الظُّهْرِ (قُلْتُ) إنَّمَا أَنَّثَهُ مُرَاعَاةً لِلصَّلَاةِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ مِنْ تَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الظُّهْرِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ رَدَّهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدُ بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الظُّهْرَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ الظُّهْرَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مَمْنُوعٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْمَمْنُوعِ بِوَاجِبٍ فَلَا شَيْءَ مِنْ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِوَاجِبٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فَكَيْفَ يَرْسُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ.
(فَالْجَوَابُ) أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ ذَكَرَهُ فِي الرَّسْمِ عَلَى الرَّأْيِ الْآخَرِ وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى رَأْيٍ آخَرَ ذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ (فَإِنْ قُلْتَ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَدِّهِ أَنَّهُ يَقُولُ حَدُّ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا وَصْلٌ لَا بَدَلٌ رَكْعَتَانِ تُسْقِطَانِ وُجُوبَهَا عَلَى الرَّأْيِ الْآخَرِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَرُبَّمَا يُقَالُ بِرَدٍّ عَلَى الرَّأْيِ الْأَوَّلِ صَلَاةٌ ظُهْرِ الْمُسَافِرِ عَلَى رَأْيِ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ فِي الْقَصْرِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ تُسْقِطَانِ وُجُوبَ ظُهْرٍ (قُلْتُ) لَا يَصِحُّ إيرَادُ ذَلِكَ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ ظُهْرٍ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الظُّهْرِ الْحَضَرِيِّ وَهُمَا ظُهْرٌ لِمُسَافِرٍ.
[بَابٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَة]
ِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الذُّكُورِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ عَلَى طَرِيقِ الْإِقَامَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute