للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَإِنَّ مَا نَهَى عَنْهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْقَصْرِ (قُلْنَا) قَدْ زَادَ ذَلِكَ فِي بَيَانِ الطُّولِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَتَأَمَّلْ لَطَافَةَ رَدِّهِ لِتَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا أَلْزَمَهُ عَلَيْهِ أَمْرٌ لَازِمٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْقَصْرُ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَبْلُغَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا أَوْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ قَبْلَ حُصُولِ السَّبَبِ وَهُوَ بُلُوغُهُ لِلْمَسَافَةِ فَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ سَمْعًا وَالثَّانِي بَاطِلٌ عَقْلًا وَفِي كَلَامِهِ اخْتِصَارٌ عَجِيبٌ وَلَفٌّ وَنَشْرٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَدُّهُ لِمَنْ أَجَابَ عَنْ الْإِيرَادِ بِأَنَّ السَّفَرَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ حَذَفَ قَبْلَهُ لَفْظَةَ الشُّرُوعِ وَالتَّقْدِيرُ شُرُوعٌ فِي سَفَرٍ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ صَائِبٌ وَضَرْبٌ لَازِبٌ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ عَطَفَ الشُّرُوعَ عَلَى السَّفَرِ فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ وَرَدَّهُ الثَّانِي صَائِبٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ إرَادَةُ سَفَرٍ إلَخْ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ إرَادَةُ سَفَرٍ مُرَادٍ وَبَيَانُهُ بِمَا قَرَّرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ.

[بَاب رَسْمِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

(ر س م) : بَابُ رَسْمِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " رَكْعَتَانِ تَمْنَعَانِ وُجُوبَ ظُهْرٍ عَلَى رَأْيٍ أَوْ تُسْقِطُهَا عَلَى آخَرَ " هَذَا الْحَدُّ لَا بُدَّ أَنْ نُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَتَوَقَّفُ فَهْمُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ سَعْيِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ هَلْ يُعِيدُ ظُهْرًا أَرْبَعًا أَبَدًا أَمْ لَا فَالْمَشْهُورُ الْإِعَادَةُ وَالشَّاذُّ عَدَمُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ وَهْبٍ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ مُخَرَّجٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِالْجُمُعَةِ فَعَلَى هَذَا يَقْضِي أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ مُخَرَّجٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِالظُّهْرِ وَيُسْقِطُ وُجُوبُ الظُّهْرِ الْجُمُعَةَ فَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ قُلْتَ) يَقَعُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ هَلْ الْجُمُعَةُ بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ فَرْضُ يَوْمِهَا أَمْ لَا وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ مَشْهُورَةً وَفُرُوعًا مَسْطُورَةً فَهَلْ هُوَ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ أَمْ لَا (قُلْنَا) يَظْهَرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ فَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنْ الْوُضُوءِ

<<  <   >  >>