مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ الصِّيغَةُ وَيَعْنِي بِذَلِكَ رُكْنَهُ الْحِسِّيَّ الَّذِي لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ وَلَهُ أَرْكَانٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْدُودَ رُكْنُهُ مَا ذَكَرَهُ وَكَيْفَ صَحَّ لَهُ ذَلِكَ هُنَا وَصَحَّ اعْتِرَاضُهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ أَرْكَانِهِ أَهْلٌ وَمَحِلٌّ فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ شَرْطٌ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُقَالُ لَهُ هَذَا كَذَلِكَ (قُلْتُ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعْنًى لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَهْلُ رُكْنًا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْحِسِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الْمَرْسُومَةَ لَيْسَتْ الْحِسِّيَّةَ الْخَارِجِيَّةَ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى وَلَهُ أَيْ وَلِلْبَيْعِ الْحِسِّيِّ أَرْكَانٌ لَا لِلْبَيْعِ الْمَحْدُودِ فَتَأَمَّلْهُ وَظَاهِرُهُ أَيُّ صِيغَةٍ لَفْظِيَّةٍ كَانَتْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ أَوْ بِلَفْظِ الْإِنْشَاءِ تَصِحُّ صِيغَةً لِلْبَيْعِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِكَذَا فَإِنْ وَقَعَ الْجَوَابُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَجَبَ الْبَيْعُ وَلَزِمَ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ خُذْهَا بِكَذَا أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْنِيهَا بِكَذَا فَقِيلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقِيلَ كَالْمُسَاوَمَةِ فَيَدْخُلُ الْخِلَافُ وَرَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَوَجَّهَهُ الشَّيْخُ هُنَا بِأَنَّ بِعْنِي أَمْرًا بِمَا يُصَيِّرُ الْآمِرَ مُبْتَاعًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِدْعَائِهِ حُصُولَ الْمَطْلُوبِ أَوْ إرَادَتِهِ عُرْفًا وَكِلَاهُمَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى الْتِزَامِ الْمُسْتَدْعِي أَوْ الْمُرَادِ وَرَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ الشَّيْخِ هُنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْآمِرَ تَلْزَمُهُ الْإِرَادَةُ وَعِنْدَنَا لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَ اللُّزُومُ هُنَا لِأَجْلِ الْعُرْفِ فِي الْبَيْعِ.
(قُلْتُ) وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَا يَفْهَمُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ وَأَجَبْته بِهَذَا ثُمَّ رَأَيْته لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ وَعَلِمَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ قَطْعًا كَمَا هُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ عَنْهُ وَأَهْلُ الْحَقِّ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْإِرَادَةَ وَالْأَمْرَ بَيْنَهُمَا فِي الْعَقْلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ حَقٌّ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَتَأَمَّلْ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَارِقَةِ وَهُوَ الْقَرَافِيُّ وَكَانَ يَمْضِي فِيهِ بَحْثٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[بَابُ الْعَاقِدِ الَّذِي يَلْزَمُ عَقْدَهُ]
ُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْجَائِزُ الْأَمْرِ الطَّائِعُ " قَوْلُهُ " الْجَائِزُ " أَخْرَجَ بِهِ الْمَضْرُوبَ عَلَى يَدَيْهِ وَالطَّائِعُ أَخْرَجَ بِهِ الْمُكْرَهَ وَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ.
[بَابُ شَرْطِ الْمَبِيعِ]
ِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَقَرُّرُ مِلْكِ مُبْتَاعِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَبَ عِتْقُهُ إذْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute