بَابُ الْعَفَافِ الْمُوجِبِ حَدَّ قَاذِفِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّهُ السَّلَامَةَ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ قَذْفِهِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ قَالَ الشَّيْخُ كَقَوْلِهَا رَأَيْتُكُمَا تَزْنِيَانِ فِي صِبَائِكُمَا أَوْ كُفْرِكُمَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُدَّ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَنَى قَوْلُهُ " السَّلَامَةُ " جِنْسٌ لِلْعَفَافِ قَوْلُهُ " مِنْ زِنًا " أَخْرَجَ بِهِ السَّلَامَةَ مِنْ السَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ عَفَافًا هُنَاكَ قَوْلُهُ " قَبْلَهُ " يَعْنِي قَبْلَ قَذْفِ الْقَاذِفِ لَمْ يَقَعْ فِي زِنًا وَبَعْدَ قَذْفِهِ كَذَلِكَ وَقَبْلَ حَدِّهِ لِأَنَّ مَنْ قَذَفَ رَجُلًا ثُمَّ زَنَى لَمْ يُحَدَّ لَهُ الْقَاذِفُ قَوْلُهُ: " وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ " عَطْفٌ عَلَى مِنْ فِعْلِهِ وَضَمِيرُ حَدِّهِ يَعُودُ عَلَى الزِّنَا قَوْلَهُ " لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ " يَعْنِي لِأَنَّ ثُبُوتَ حَدِّ الزِّنَا يَسْتَلْزِمُ الزِّنَا قَوْلُهُ " كَقَوْلِهَا " هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّشْبِيهِ لِأَيِّ شَيْءٍ هُوَ يَرْجِعُ وَظَهَرَ لِي أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا " يَعْنِي الْعَفِيفَ الَّذِي سَلِمَ مِنْ فِعْلٍ يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا فَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِأَنَّهُ زَنَى فِي صِغَرِهِ أَوْ وَهُوَ كَافِرٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَذْفِهِ فَأَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ عَفِيفٌ لِأَنَّ مَا وَقَعَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا (فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ وَثُبُوتُ حَدِّهِ قَدْ قُلْت أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الزِّنَا وَيَكُونُ ثُبُوتُ الْحَدِّ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَ الْقَذْفِ وَقَبْلَ الْحَدِّ وَهَذَا صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزِّنَا لَكِنْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْعَفَافَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْعِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَادِ وَالزِّنَا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قُيُودِ رَسْمِهِ (قُلْتُ) قَدْ نَقَلَهُ الشَّيْخُ بَعْدُ وَقَالَ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ وَلِذَلِكَ خَصَّ الْمَحْدُودَ بِقُيُودٍ خَاصَّةٍ لَا أَنَّهُ عَرَّفَ مُطْلَقَ عَفَافٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ.
[كِتَابُ السَّرِقَةِ]
(س ر ق) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ السَّرِقَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute