الْغَزَالِيِّ عَنَيْنَا بِالْمُتَقَوَّمِ إنْ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ وَالطَّعَامِ لِتَزْيِينِ الْحَانُوتِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ الْإِجَارَةَ وَحْدَهَا وَذَكَرَ أَصْنَافَهَا مِنْ إجَارَةِ عَبْدٍ وَحُرٍّ وَبِنَاءٍ وَحَفْرٍ وَرَضَاعٍ وَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ وَقُرْآنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقُ الْإِجَارَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كِرَاءَ الْأَرْضِ وَالسُّفُنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِّهِ وَلَا يَصِحُّ انْطِبَاقُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ كُتُبًا كَمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَذْكُرَ لَهَا رُسُومَهَا بِخَوَاصِّهَا (قُلْتُ) الصَّوَابُ ذَلِكَ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سِيَّمَا وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَلِكَ رَأَيْتُ الشَّيْخَ قَبْلَ هَذَا قَالَ وَلَمَّا خَلَطَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسَائِلَ كُتُبِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ بِمَسَائِلِ الْكِرَاءِ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالرَّوَاحِلِ كَابْنِ شَاسٍ تَابِعًا لِلْغَزَالِيِّ رَأَيْت إفْرَادَ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ كُلِّ كِتَابٍ أَنْسَبَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَقُّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَعْرِفَهَا وَلَا بُدَّ أَنْ نُكْمِلَ عَلَى ذَلِكَ فِي ذِكْرِ الْحُدُودِ مَا أَدْمَجَهُ فِي حَدِّهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[كِتَابُ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ]
(ك ر ي) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ يُؤْخَذُ حَدُّ ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي رَسْمِ الْإِجَارَةِ فَيُقَالُ " بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ " فَيَدْخُلُ كِرَاءُ كُلِّ أَرْضٍ وَدَارٍ وَيَخْرُجُ مَا عَدَاهُمَا (فَإِنْ قُلْتَ) يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْحَدِّ عَدَمُ اطِّرَادِهِ بِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ جَوَازِ إجَارَةِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ وَإِجَارَةِ حَائِطٍ لِحَمْلِ خَشَبٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ إجَارَةً لَا كِرَاءً وَالْحَدُّ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَيَكُونُ حَدُّ الْإِجَارَةِ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ (قُلْتُ) لِلشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقُولَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْكِرَاءِ وَإِطْلَاقُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. لَا يُقَالُ إنَّ نَفْيَ الْإِمْكَانِ الْمَذْكُورِ فِي النَّقْلِ فِيهِ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْإِمْكَانَ هَلْ هُوَ الْعَقْلِيُّ أَوْ الْعَادِيُّ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ الْإِمْكَانُ الْعَادِيُّ وَالسِّيَاقَ لَهُ مُدْخِلٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute