وَقَدْ سَمَّاهَا عِدَّةً فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ وَقَالَ إنَّهَا كَعِدَّةِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ حَيْضَتَانِ (قُلْتُ) لَا شَكَّ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُعَيِّنُ أَنَّهَا عِدَّةٌ فَحَدُّ الْعِدَّةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاسْتِبْرَاءٍ وَجَوَابُ الشَّيْخِ بِالْمَجَازِ يَبْعُدُ فِي هَذِهِ لِقُوَّةِ قَوْلِهِ كَعِدَّةِ النِّكَاحِ فَعَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا اسْتِبْرَاءً حَقِيقَةً تَرِدُ عَلَى عَكْسِ الِاسْتِبْرَاءِ وَعَلَى مَنْعِ حَدِّ الْعِدَّةِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا الْخِلَافَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عِدَّةٌ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا وَقَعَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي اللِّعَانِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ هَلْ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِثَلَاثٍ (قُلْتُ) الْجَارِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَمَةِ يَخْرُجُ أَنَّهُ ثَلَاثُ حَيْضٍ لَكِنَّ نُصُوصَ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَأُجِيبَ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ " وَالْمَوْرُوثَةُ " يَعْنِي إذَا مَاتَ رَجُلٌ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَلَا يَقْرَبُهَا الْوَارِثُ حَيْثُ يَصِحُّ وَطْؤُهُ حَتَّى يَقَعَ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِرَفْعِ عِصْمَةٍ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ حُرَّةٍ وَوَطِئَهَا مُسْلِمٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا (قُلْتُ) تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَجْرِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ لَوَازِمَهُمَا تَخْتَلِفُ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ عِدَّةٌ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ (قُلْتُ) وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءٌ لَا عِدَّةٌ وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهَا حَيْضَةً وَاحِدَةً (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَرِدُ عَلَى جَمْعِ الْحَدِّ لِأَنَّ فِيهَا رَفْعَ الْعِصْمَةِ وَفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى الرَّسْمِ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا رَفْعُ مِلْكٍ وَالْعِدَّةُ عِنْدَهُمْ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَآتِ حَرَامٌ فِي الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْمَسْبِيَّةِ تُمْلَكُ بِشِرَاءِ الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
[بَابُ الْمُوَاضَعَةِ]
(وض ع) : بَابُ الْمُوَاضَعَةِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزِ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا " قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " أَنْ يُجْعَلَ " بِمَعْنَى الْجَعْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute