وَحُصُولُ الْعِلْمِ بِالْمِلْكِ لِلشَّاهِدِ نَظَرِيٌّ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ يَعْنِي أَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِطُولِ حِيَازَةٍ مَعَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَشْهَدُوا بِالْغَنِيمَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَلَامٌ يُنَاسِبُهُ تَأَمَّلْهُ مَعَ مَا هُنَا وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ لَا بُدَّ أَنَّ الشَّاهِدَ يَزِيدُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْخُرُوجَ عَلَى الْمِلْكِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِمُتَعَلِّقِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ نَظَرِيٌّ لَا ضَرُورِيٌّ وَخَالَفَ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ بِالْعَدَمِ وَالْعَدَالَةِ وَكَانَ يَمْضِي لَنَا فِيهِ تَأَمُّلٌ اُنْظُرْهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا عَنْ سَحْنُونَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ سُوقٍ فَلَا يَشْهَدُ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ وَهَذَا جَارٍ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْحِيَازَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِذَا قَالُوا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِلْكٌ لَهُ وَأَقَامَ آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ لِذِي الْمِلْكِ وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ فِي الْأَقْضِيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا أَقَامَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ اشْتِرَاءً يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسَائِلِ الْإِحْيَاءِ إنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِخُطَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالشِّرَاءُ ظَاهِرُهُ يَقَعُ الْمِلْكُ بِهِ (قُلْت) الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّا لَا نَقُولُ بِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذِهِ الْكُلِّيَّةَ لَا يَصِحُّ صِدْقُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْهُ لَهُ مِلْكٌ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَلِذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ يُشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ سُوقٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ بِخُطَّةٍ بِإِقْطَاعٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْإِمَامِ فِيمَا ثَبَتَ مِلْكُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَمَا أَصَّلْنَاهُ عَنْ سَحْنُونَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[بَابُ الدَّعْوَى]
(د ع و) : بَابُ الدَّعْوَى الْمُرَادُ بِالدَّعْوَى هِيَ الْعُرْفِيَّةُ فِي اسْتِعْمَالِ أَصْحَابِ الْأَحْكَامِ مِمَّا يَنْطِقُ بِهِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ لَكِنَّهَا بِحَيْثُ إذَا سُلِّمَتْ أَوْجَبَتْ حَقًّا قَالَ الشَّيْخُ " الدَّعْوَى قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ لَوْ سُلِّمَ أَوْجَبَ لِقَائِلِهِ حَقًّا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute