ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا قُرْبَةَ فِيهِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يَصِحُّ فِي الْعِتْقِ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ فَكَيْفَ يَخْرُجُ وَقَدْ الْتَزَمَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهِ الْتِزَامُ الْقُرْبَةِ فَهُوَ يَمِينٌ فَكَيْفَ صَحَّ إخْرَاجُهُ وَالْقَصْدُ دُخُولُهُ وَكَيْفَ صَحَّ فِيهِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ نَذْرٌ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ (قُلْتُ) هَذَا تَقَدَّمَ لَنَا إشْكَالُهُ مِرَارًا هُنَا وَفِي النَّذْرِ وَيُمْكِنُ فَهْمُهُ مِمَّا وَقَعَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ إنَّمَا عُيِّنَتْ لِلنَّذْرِ لِقَرِينَةِ صُورَةِ النَّذْرِ فِي قَوْلِنَا لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فَأَخْرَجَهَا ذَلِكَ عَنْ الْيَمِينِ وَكَانَتْ نَذْرَ الْأَجِيرِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَالنِّيَّةُ هُنَا فِيهِ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْقُرْبَةُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ قَوْلِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا فِيمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَلَا وَفَاءَ لَهُ فَيُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَهُوَ قَابِلٌ لِلْيَمِينِ فَالْجَوَابُ أَنَّ صُورَةَ النَّذْرِ فِيهِ عَيَّنَتْ النَّذْرِيَّةَ وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ الْيَمِينِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي النَّذْرِ بِمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّاقَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَمِينَ تَصْدُقُ شَرْعًا عَلَى الْقَسَمِ فِي مِثْلِ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت وَتَصْدُقُ فِي قَوْلِنَا إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَتَصْدُقُ فِي قَوْلِنَا إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَا تَصْدُقُ فِي إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ زَوْجَتِي وَلَا فِي قَوْلِنَا إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي الْتِزَامُ نَذْرٍ فِي عِتْقٍ لَا الْتِزَامُ قُرْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا نَذْرٌ فَلِذَا كَانَ نَذْرًا لَا يَمِينًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الْيَمِينُ شَرْعًا اتِّفَاقًا]
يُؤْخَذُ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - " مَا دَلَّ عَلَى ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ " قَوْلُهُ " مَا دَلَّ " إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ مَا دَلَّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الصِّفَةِ أَوْ الْحَادِثِ وَالْحَلِفُ بِالصِّفَةِ الْقَدِيمَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَأَمَّا الْحَادِثُ فَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ.
[بَابٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِاتِّفَاقٍ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا مَعْنَاهُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ " الْحَلِفُ بِمَا دَلَّ عَلَى ذَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute