بِتَشْبِيهٍ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ الْمُضَافِ إلَى الْمُتْعَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا ذُكِرَ وَعَطَفَ الْجُزْءَ عَلَى ذَلِكَ لِيُدْخِلَ بِهِ تَشْبِيهَ الْبَعْضِ كَمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَقُلْ الشَّيْخُ وَكُلُّهَا وَهَذَا أَخْصَرُ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ " بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ " هَذَا الْمُشَبَّهُ بِهِ كَمَا قَدَّمْنَا وَهُوَ كِنَايَةُ الظِّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ أَوْ بِمَنْ حَرُمَ أَبَدًا وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِمَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَفْرَادًا مِنْ الْمَحْرَمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بِهَا فِيهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ أَبَدًا فَإِنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَلِكَ ظِهَارًا عَلَى حَدِّهِ هَذَا وَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَعْلُومَةِ بِتَحْرِيمِ الْأَبَدِ قَوْلُهُ أَوْ جُزْئِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ يَكُونُ كُلًّا وَجُزْءًا كَمَا قَدَّمَ فِي الْمُشَبَّهِ وَهَذَا صَرِيحٌ وَلِذَا يَكُونُ تَشْبِيهَ كُلٍّ بِكُلٍّ وَجُزْءٍ بِجُزْءٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَنْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ قَوْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ هَذَا هُوَ وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَهُوَ أَخْصَرُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ تَمَتُّعُهُ بِهِمَا وَظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ كَوْنُ الرَّسْمِ الثَّانِي أَصْوَبَ مِنْ الْأَوَّلِ اخْتِصَارًا وَجَمْعًا.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَ أَصْوَبُ بِمَعْنَى أَحْسَنَ لِأَجْلِ اخْتِصَارِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْحَدَّ الْأَوَّلَ لَا يُخِلُّ بِطَرْدٍ وَلَا عَكْسٍ وَقَدْ زَادَ فِي الثَّانِي مَا لَيْسَ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا وَقُلْتُمْ ذَكَرَهُ لِيُدْخِلَ بِهِ مَا قَدَّمْنَا فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ الْحَدُّ الْأَوَّلُ غَيْرُ جَامِعٍ فَلَا يَصْدُقُ فِيهِ أَنَّهُ حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْحُسْنِ وَالصَّوَابِ إلَّا مَا كَانَ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ نَقْضٌ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا (قُلْتُ) لَنَا أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ الْأَصْوَبَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَدُّ الصَّحِيحُ لَا الْأَكْمَلُ لِأَنَّ الصَّوَابَ مُقَابِلُهُ الْخَطَأُ وَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَصَحُّ الْحُدُودِ وَمَا قَدَّمْنَا مِمَّا يُوهِمُ أَنَّ الْأَصْوَبَ وَالْأَصَحَّ مُتَغَايِرَانِ فِيهِ بَحْثٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[بَابُ شَرْطِ الْمَظَاهِرِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " إسْلَامُهُ " وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[بَابُ صَرِيحِ الظِّهَارِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ " مَا فِيهِ ظَهْرٌ مُؤَبَّدَةُ التَّحْرِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute