لِقَائِلِهِ وَهُوَ عِصْمَةُ دَمِهِ وَمَالِهِ فَيَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ دَعْوَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الدَّعْوَى الْعُرْفِيَّةِ بِوَجْهٍ (قُلْتُ) قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ نَظِيرِ هَذَا السُّؤَالِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ مَا يَطْلُبُهُ الْمُدَّعِي مِنْ مُنَازَعَةٍ وَنَقُولُ إنَّ عِصْمَةَ دَمِهِ إنَّمَا ثَبَتَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا بِالتَّسْلِيمِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْصِيصِ فِي الدَّعْوَى الْمَحْدُودَةِ فِي الْحَدِّ بِالسِّيَاقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ الدَّعْوَى الَّتِي يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ عَنْهَا وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ قَسَّمُوا الدَّعْوَى إلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بِسَبَبِهَا شَيْءٌ وَمِنْهَا مَا لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَيَلْزَمُ بِهِ الْأَدَبُ وَالْأَوَّلُ إذَا كَذَّبَهُ الْعُرْفُ وَكَذَلِكَ مَا أَبْطَلَ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ كَدَعْوَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ كَذَبُوا وَيَطْلُبُ يَمِينَهُمْ وَأَنَّ الْقَاضِي جَارَ عَلَيْهِ فَيُحَلِّفُهُ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الْأَدَبُ كَالدَّعْوَى عَلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِمْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[بَابُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
(د ع و) : بَابُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْمُدَّعِي مَنْ عَرِيَتْ دَعْوَاهُ مِنْ مُرَجِّحٍ غَيْرِ شَهَادَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَرَنَتْ دَعْوَاهُ بِهِ " قَوْلُهُ " مَنْ عَرِيَتْ دَعْوَاهُ " مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا مَا يَشْهَدُ لَهَا عُرْفًا وَهُوَ الْمُرَجِّحُ لَهَا كَمَا إذَا قَالَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَهَذِهِ دَعْوَى لَا شَاهِدَ لَهَا عُرْفًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ " غَيْرِ شَهَادَةٍ " صِفَةٌ لِلْمُرَجِّحِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَجِّحَ إذَا كَانَ شَهَادَةً لَا يَخْرُجُ الْمُدَّعِي عَنْ مَعْنَاهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» وَلَوْلَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَدَمِ الْعَكْسِ قَوْلُهُ " وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ " مَعْنَاهُ الَّذِي اقْتَرَنَتْ دَعْوَاهُ بِمُرَجِّحٍ غَيْرِ شَهَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْمُرَجِّحِ الْمَذْكُورِ بِصِفَتِهِ كَمَنْ ادَّعَى رَدَّ وَدِيعَةٍ كَانَتْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ صَحَّحَ قَوْلَهُ فِي رَدِّهَا وَدَعْوَاهُ ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ بِهِ أَصْلًا (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَالَ رَجُلٌ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُدَّعٍ لِأَنَّ قَوْلُهُ قَدْ تَجَرَّدَ عَنْ الْمُرَجِّحِ لَهُ فَيَصْدُقُ رَسْمُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فُلَانٌ فَإِنَّهُ إذَا أَنْكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute