كُلُّهُ الَّذِي صَبِيحَتُهُ مَا ذَكَرَ وَخَصَّ اللَّيْلَةَ بِالْغَيْمِ لِأَنَّ الْتِمَاسَ الْهِلَالِ إذَا لَمْ يُرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقْتُهُ ذَلِكَ فَإِنْ اُلْتُمِسَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَكَانَ غَيْمٌ عِنْدَ الْتِمَاسِهَا فِي جِهَتِهِ ثَبَتَ الشَّكُّ بِذَلِكَ وَالْغَيْمُ الْحَائِلُ عَنْ الرُّؤْيَةِ بِسَحَابٍ كَثِيفٍ أَوْ رَقِيقٍ.
[بَابٌ فِي مُبْطِلِ الصَّوْم]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " يُبْطِلُهُ وُصُولُ غِذَاءٍ لِحَلْقٍ أَوْ مَعِدَةٍ مِنْ مَنْفَذٍ وَاسِعٍ وَمَغِيبُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَالْمَنِيُّ بِلَذَّةٍ يَقَظَةً " هَذَا أَيْضًا رَسْمٌ لِلْمُبْطِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ ثُمَّ فُرِّعَ الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَكُنْ غِذَاءٌ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَلَا فِي السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْمَنْفَذِ الْوَاسِعِ (فَإِنْ قُلْتَ) فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَهُوَ أَخْصَرُ مِمَّا ذَكَرَ (قُلْتُ) أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ وَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ مَغِيبُ حَشَفَةٍ هَذَا إذَا فَهِمْتَ مَا قَدَّمَهُ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ اخْتِصَارِهِ وَأَوْرَدَ فِي الْمَجْلِسِ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَسْقَطَ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّوْمِ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَهُمَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فِي الْإِبْطَالِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ بِأَنْ قَالَ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ النَّقَاءُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَمِيعَ النَّهَارِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ الْحَيْضُ مَانِعًا مِنْ الْوُجُوبِ فِي جَمِيعِ وَقْتِ الصَّوْمِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّوْمَ أَبْطَلَهُ الْحَيْضُ لِأَنَّ الْإِبْطَالَ فَرْعُ تَقَرُّرِ الْوُجُوبِ وَقَدْ انْتَفَى بِمَا قَرَّرْنَا وَلِذَلِكَ حَذَفَ الشَّيْخُ ذَلِكَ وَصَوَّبْنَا ذَلِكَ ثُمَّ تَأَمَّلْت كَلَامَ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الَّذِي أَوْرَدَ عَلَى كَلَامِهِ السُّؤَالَ فَوَجَدْته خَالَفَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْطِهِ فَإِنَّهُ صَيَّرَ النَّقَاءَ الْمَذْكُورَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ فِي كُلِّ الزَّمَانِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ قَبْلُ فَتَأَمَّلْهُ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ مُبْطِلِ الصَّوْمِ يُرِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الصَّوْمُ الْوَاجِبُ أَعْنِي صَوْمَ رَمَضَانَ بِقَرِينَةِ ضَمِيرِ يُبْطِلُهُ كَمَا فَعَلَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ بِإِعَادَةِ ضَمِيرِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَفِي بَعْضِهَا يَأْتِي بِمَا يَعُمُّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ الصَّوْمَ الْمُطْلَقَ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي تَطَوُّعِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُهُ وَمَضَى لَنَا النَّظَرُ فِي قَوْلِهِ لِحَلْقٍ أَوْ مَعِدَةٍ وَحَقُّهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَعِدَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute