الْمُطْلَقِ وَكَانَ يَمْشِي لَنَا فِي الْبَحْثِ هُنَا أَنَّ الشَّيْخَ إذَا فَهِمَ عَنْهُ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ وَلَا يُجَابُ إلَى آخِرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْدُودَ هُوَ الْمُطْلَقُ لَا الْمَاءُ الطَّهُورُ وَالطَّهُورُ غَيْرُهُ وَأَعَمُّ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ وَالطَّهُورَ مُتَرَادِفَانِ لِمَا ذَكَرْنَا وَتَأَمَّلْ كَوْنَ الشَّيْخِ لَمْ يَتَشَاغَلْ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْأَصْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمَيْتَةِ]
(م وت) : بَابُ الْمَيْتَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا مَاتَ لَا بِذَكَاةٍ " تَقْدِيرُ ذَلِكَ حَدُّ الْمَيْتَةِ الْمَيِّتُ الَّذِي مَاتَ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ فَالْجِنْسُ الْمَيِّتُ وَقَوْلُهُ. بِغَيْرِ ذَكَاةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْمَيِّتَ الْمُذَكَّى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَيِّتٍ وَالْمَيْتَةُ الْمُعَرَّفَةُ أَعَمُّ مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ الْمُحَرَّمِ أَكْلُهَا النَّجِسَةُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ فِي الرَّسْمِ نَوْعٌ مِنْ دَوْرِ الِاشْتِقَاقِ (قُلْتُ) لَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَا حَلَّ بِهِ الْمَوْتُ مِنْ الْحَيَوَانِ أَشْهَرُ مِنْ الْمَيْتَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ " بِغَيْرِ ذَكَاةٍ " الذَّكَاةُ تَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ شَرْعًا وَيَأْتِي لِلشَّيْخِ تَعْرِيفُهَا فَهَلْ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ (قُلْتُ) هَذَا كَثِيرٌ مَا يَقَعُ لَهُ وَأَنَّهُ رَسْمُ هَذِهِ الْمَاهِيَّاتِ لِمَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى كِتَابِهِ وَمَعْرِفَةٌ بِكَثِيرٍ مِنْ حَقَائِقِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُبْتَدِي وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ، وَالذَّكَاةُ أَعَمُّ مِنْ ذَكَاةِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْعَقْرَبُ وَالزُّنْبُورُ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ يَصْدُقُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَلَا ذَكَاةَ فِيهِ (قُلْتُ) ذَلِكَ صَحِيحٌ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ مَيْتَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ وَنَظِيرَهُ مُسْتَثْنًى طَهَارَتُهُ مِنْ الْمَيْتَةِ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ مَيْتَةٌ فَهُوَ طَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهِ أَنْ يَكُونَ نَجَسًا بِدَلِيلِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَالتُّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَكَذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا لَا تَنْفَعُ ذَكَاتُهُ أَنَّهُ مُذَكًّى وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ كَالْخِنْزِيرِ الْمُذَكَّى وَغَيْرِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَوْ قَالَ مَيِّتٌ لَا بِذَكَاةٍ لَأَدَّى مَا ذَكَرَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَخَصْرُ (قُلْتُ) الْمَعْنَى عَلَيْهِ لَكِنْ مَا ذُكِرَ أَبْيَنُ وَيَصْدُقُ رَسْمُهُ عَلَى مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَمَيْتَةِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute