هُوَ الْمَحْدُودُ وَهُوَ حَوْزَانِ حُكْمِيٌّ وَفِعْلِيٌّ فَالْفِعْلِيُّ قَدْ حَدَّهُ الشَّيْخُ فِي الْهِبَةِ بِقَوْلِهِ رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطِي فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطِي أَوْ نَائِبِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ رَأَيْت مَا ذَكَرَ هَذَا فِي الْحَدِّ لِلْحَوْزِ الْمُطْلَقِ وَقَسَّمَهُ إلَى نَوْعَيْنِ عَرَّفَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَخُصُّهُ وَفِي الْهِبَةِ عَرَّفَ الْحَوْزَ الْفِعْلِيَّ بِمَا عَرَّفَ بِهِ الْحَوْزَ الْمُطْلَقَ فَكَيْفَ يَقُولُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَبْسِ (قُلْتُ) الصَّوَابُ مَا وَقَعَ هُنَا وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ هُنَاكَ حِسًّا أَوْ حُكْمًا (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ وَقَعَ فِي الْهِبَةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى صِغَارِ بَنِيهِ بِحَائِطٍ وَأَشْهَدَ بِهِ وَكَانَ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَتَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الصَّدَقَةِ بِالْأَكْلِ وَغَيْرِهِ حَتَّى مَاتَ فَالصَّدَقَةُ مَاضِيَةٌ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِّ وَهُوَ حَوْزٌ
(قُلْتُ) قَدْ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ شَرْعًا وَفِيهِ رَفَعَ ثُمَّ تَعَدَّى عَلَى غَلَّةِ وَلَدِهِ حُكْمًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَهَرَ فِيهَا الْمُتَيْطِيُّ الْبُطْلَانَ وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ صِحَّةَ الْحَبْسِ وَانْظُرْ الْحَوْزَ الْحُكْمِيَّ فِي الْهِبَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) رَسْمُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْحَوْزِ هَلْ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمُحْبِسِ نَفْسَهُ (قُلْتُ) نَعَمْ يَلْزَمُ ذَلِكَ ضَرُورَةَ أَنَّ الْحَوْزَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ مَا ذُكِرَ وَقَدْ اشْتَرَطَ فِي أَصْلِهِ رَفْعَ خَاصِّيَّةِ تَصَرُّفِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُعْطِي إلَى الْمُعْطَى وَالْمُعْطَى هُنَا هُوَ الْمُعْطِي فَلَا يُمْكِنُ الْحَبْسُ لِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ إذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مَنْ حَبَسَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَكَذَا إنْ حَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَحُوزَ الْغَيْرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَا عَلَى الْغَيْرِ وَوَقَعَ لِابْنِ شَعْبَانَ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ فِي وَقْتِ الْحَوْزِ]
ِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقْتُهُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ أُجْمِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَلَسِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ وَأَخَصُّ فَهَلْ الْمُرَادُ الْفَلَسُ الْأَعَمُّ أَوْ الْأَخَصُّ (قُلْتُ) مُطْلَقُ فَلَسٍ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لَا إنْ كَانَ أَعَمَّ وَلَا إنْ كَانَ أَخَصَّ لِأَنَّ الْأَعَمَّ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ وَالْأَخَصَّ يَمْنَعُ مَا مَنَعَهُ الْأَعَمُّ وَالْبَيْعُ وَمَا شَابَهَهُ وَالْمَرَضُ يَعْنِي بِهِ الْمَخُوفَ (فَإِنْ قُلْت) هَلَّا اسْتَغْنَى عَنْ الْمَوْتِ بِالْمَرَضِ لِأَنَّهُ إذَا مُنِعَ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فَأَحْرَى بَعْدَ الْمَوْتِ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَوْتَ قَدْ يَكُونُ وَلَا مَرَضَ وَفِيهِ بَحْثٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute