للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهَا بِحُكْمِ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَمَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَاسِدِ الْمُسَاقَاةِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: غَايَةُ هَذَا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ وَالرَّسْمُ الصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ لَا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ بَابِ الْمُسَاقَاةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ لَوَازِمِ الْبَابَيْنِ وَاخْتِلَافُ اللَّوَازِمِ يُؤْذِنُ بِاخْتِلَافِ الْمَلْزُومَاتِ بَيَانُ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ فِيهَا إجَارَةُ الْمِثْلِ، وَالْمُسَاقَاةَ الْفَاسِدَةَ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ إجَارَةَ الْمِثْلِ تَكُونُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَلَّ مِنْهَا جُزْءُ الْعَمَلِ بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِهِ وَفَوَائِدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَرَضِيَ عَنْهُ.

[بَابُ الْعَاقِدِ]

(ع ق د) : بَابُ الْعَاقِدِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَسَاقِي فِيهِ قَوْلُهُ " مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ " أَخْرَجَ بِهِ مَنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَدْخُلُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمَرِيضِ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ كَبَيْعِهِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَعْلُومٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.

(فَإِنْ قُلْت) لِأَيِّ شَيْءٍ لَوَّنَ الشَّيْخُ الْعِبَارَةَ فَقَالَ فِي الْقِرَاضِ عَاقِدُهُ دَافِعًا وَآخِذًا، وَقَالَ هُنَا الْعَاقِدُ فَقَطْ (قُلْت) لَمْ يَظْهَرْ الْفَهْمُ عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَخْصِيصِهِ مَا ذَكَرَ هُنَا فِي الْعَاقِدِ الَّذِي يَعُمُّ الْمُسَاقِيَ وَالْمُسَاقَى، وَتَخْصِيصُهُ فِي الْقِرَاضِ كُلَّ قِسْمٍ بِرَسْمِهِ وَيَأْتِي مَا يَلْتَئِمُ مِنْهُ الْجَوَابُ قَوْلُهُ " فِي الْمَسَاقِي فِيهِ " أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمَسَاقِي فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دُخُولِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَنَّ الْعَامِلَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسَاقَاةَ كَمَا ذَكَرَ فِيهَا بِشَرْطِهَا.

(فَإِنْ قُلْت) لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ فِي الْقِرَاضِ كَذَلِكَ وَيَقُولُ الْعَاقِدُ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِي الْقِرَاضِ (قُلْت) إذَا تَأَمَّلْت مَا قَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ مِنْ تَخْصِيصِ كُلٍّ بِرَسْمِهِ وَأَمْعَنْت النَّظَرَ يَظْهَرُ لَك عَدَمُ صِحَّةِ جَمْعِهِمَا فِي رَسْمٍ وَاحِدٍ؛ لِقُوَّةِ اخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا وَرُبَّمَا يَفْهَمُ الْجَوَابَ عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ قَبْلُ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ قَصْدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ وَكِيلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

<<  <   >  >>