أَعْلَمُ وَانْظُرْ كَلَامَ الشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ لِمَا هُنَا ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَتَى بِلَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْحِرَابَةُ كُلُّ فِعْلٍ يُقْصَدُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ تَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِاسْتِغَاثَةُ عَادَةً مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ وَمُخِيفِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَيَأْخُذُ مَالًا.
قَالَ الشَّيْخُ فَحَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ كُلِّيَّةً شَامِلَةً لِصُوَرٍ وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ وَحَمَلَهُ ابْنُ هَارُونَ عَلَى أَنَّهُ رَسْمٌ وَتَعَقَّبَهُ بِأُمُورٍ وَمِمَّا أَوْرَدَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُتَعَذِّرَ الْإِغَاثَةُ لَا الِاسْتِغَاثَةُ وَعِنْدِي أَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا فَإِنَّهُ رَاعَى اللَّفْظَ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِاسْتِغَاثَةُ النَّافِعَةُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ عِنَايَةٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَنْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغِبْ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِحِرَابَةٍ وَأَجَابَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمُؤَلِّفِ بِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَوَّلًا وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حَدًّا وَلَا رَسْمًا وَإِنَّمَا قَصَدَ إلَى ذِكْرِ كُلِّيَّةٍ يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا دُونَ انْعِكَاسِهَا قَالَ الشَّيْخُ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ يَعْنِي لِأَنَّ سِيَاقَ كَلَامِهِ فِي ذِكْرِ الْحَقَائِقِ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ الرُّسُومِ أَوْ الْحُدُودِ وَأَمَّا الْإِخْبَارُ بِكُلِّيَّةٍ كَمَا ذَكَرَ فَلَيْسَ فِيهِ كَمَالُ فَائِدَةٍ وَقَدْ بَسَطَ هَذَا الرَّدَّ قَبْلَ هَذَا وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ لِي الْكَلَامَ عَلَى جَمِيعِ مَا رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مِنْ ضَوَابِطَ فِقْهِيَّةٍ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَا شِبْهَ الرَّسْمِ فَيُرَدُّ عَلَيْهَا مَا ذَكَرَهُ وَقَصْدِي بِذَلِكَ كَمَالُ الْفَائِدَةِ لِلنَّاظِرِ فِي كِتَابِهِ لِيَكُونَ هَذَا التَّقْيِيدُ عَوْنًا لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ فَهْمِ رُسُومِهِ وَأَكْثَرِ شُرُوطِهِ وَضَوَابِطِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفَعُ الْجَمِيعَ بِقَصْدِهِ وَحَقُّ الشَّيْخِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي تَصْدِيرِهِ بِكُلٍّ فِي الرَّسْمِ وَلَمَّا رَأَى كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مُعْتَرِضًا عَدَلَ عَنْهُ إلَى مَا ذَكَرَ وَاخْتَصَرَ.
[بَابٌ فِي مُوجِبِ الْحِرَابَةِ وَحْدَهَا]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَرْبَعَةُ الْقَتْلُ أَوْ الصَّلْبُ أَوْ الْقَطْعُ أَوْ النَّفْيُ قَوْلُهُ " الْأَرْبَعَةُ " أَشَارَ إلَى الْعَهْدِ فِي الْقُرْآنِ وَالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ وَالتَّخْيِيرُ لِلْإِمَامِ بِمَشُورَةِ الْعُلَمَاءِ بِمَا يَرَاهُ أَتَمَّ مَصْلَحَةً وَلَيْسَ فِيهِ هَوًى وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ التَّخْيِيرِ الْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ اُنْظُرْ الْكَلَامَ عَلَى الْقَطْعِ وَالصَّلْبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute