قُلْتَ) أَوْرَدَ عَلَى الْحَدِّ أَسْئِلَةً الْأَوَّلُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ تِلْمِيذُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَيِّدِي الْفَقِيهُ الْأَبِيُّ قَالَ قَوْلُهُ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ حَافِظٌ فِيهِ عَلَى الطَّرْدِ فَأَخَلَّ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَلَّمَك ثَوْبًا فِي مِثْلِهِ كَقَرْضِك ثَوْبًا فِي مِثْلِهِ الْمَسْأَلَةُ وَبَيَانُ إيرَادِهِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ سَمَّاهَا سَلَمًا وَالزِّيَادَةُ تَمْنَعُ دُخُولَهَا فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ (قُلْتُ) كَانَ يَمُرُّ لَنَا فِي جَوَابِهِ أَنَّ تَسْمِيَةَ ذَلِكَ سَلَمًا مَجَازٌ بِقَرِينَةِ تَشْبِيهِهِ بِالسَّلَفِ فَهُوَ سَلَفٌ لَا سَلَمٌ لِأَنَّ حُكْمَ السَّلَفِ وَلَازِمَهُ وَخَاصِّيَّتَهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ وَالسُّؤَالُ الثَّانِي ذِكْرُهُ الذِّمَّةَ وَفِيهِ تَرْكِيبٌ فِي الْحَدِّ وَهُوَ مُخِلٌّ بِالتَّعْرِيفِ وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّيْخُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَوَاضِعِهِ فِي ذِكْرِ التَّرْكِيبِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَوْمِ.
(قُلْتُ) وَهَذَا وَارِدٌ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنْ يُقَالَ الذِّمَّةُ يَذْكُرُ حَدَّهَا بَعْدُ بِقَرِيبٍ وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَلَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ سَيِّدِي الْفَقِيهُ الْأَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ بَيْعُ الدَّيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ وَقَالَ الشَّيْخُ إنَّمَا يَخْرُجُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَلَمًا فِي الْعُرْفِ قَالَ وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَا لِأَنَّ السَّلَمَ هُوَ الْمُعَرَّفُ وَالْمُعَرَّفُ لَا يَخْرُجُ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَقُلْ خَرَجَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ بَلْ الْمُوجِبُ لِلْخُرُوجِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيجَابُ عِمَارَةِ ذِمَّةٍ كَمَا قَرَّرْنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ سَبَبَ الْإِتْيَانِ بِمَا يُخْرِجُهُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ لِأَيِّ شَيْءٍ أَخْرَجْته بِمَا ذَكَرْته فَأَجَابَ بِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ لَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ سَلَمًا وَالرَّسْمُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِمَا غَلَبَ فِيهِ الْإِطْلَاقُ الشَّرْعِيُّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَجِدُهُ صَوَابًا لَا شَكَّ فِيهِ وَبَحْثُ تِلْمِيذِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَظْهَرْ بِوَجْهٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ الْوَانُّوغِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ قَالَ حَدَّ أَصْحَابُنَا السَّلَمَ بِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْلُومٌ فِي الذِّمَّةِ مَحْصُورٌ بِالصِّفَةِ بِعِوَضٍ حَاضِرًا وَمَا هُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ رَسْمِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى بَيْعِ الدَّيْنِ لِقَوْلِهِ مَعْلُومٌ فِي الذِّمَّةِ وَالسَّلَمُ لَيْسَ هُوَ مَعْلُومٌ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
[بَابٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي عِوَضِ السَّلَمِ]
ِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا اخْتِلَافُ مَنَافِعِ عِوَضَيْهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute