تُسْتَحَقُّ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْمِلْكِ فَلَمْ يُعَبِّرْ بِقَوْلِهِ مَنْ عَاوَضَ بِعِوَضٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي مِلْكًا وَإِنَّمَا يُفِيدُ الْحِيَازَةَ، فَيُقَالُ عَلَيْهِ إذَا صَحَّ ذَلِكَ وَبَنَى عَلَيْهِ هَذَا الرَّسْمَ فَلِمَ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ فِي رَسْمَيْنِ قَبْلَ هَذَا الْأَوَّلِ فِي الْمُوجِبِ لِاسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ ثُبُوتُ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ رُبُعٍ وَاشْتِرَاءُ غَيْرِهِ شِقْصًا آخَرَ مِنْهُ فَقَدْ ذَكَرَ الْمِلْكَ فِي ثُبُوتِ مِلْكٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي طَرَفِ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ فَعَلَى ذَلِكَ يَقُولُ وَمَلَكَ غَيْرُهُ شِقْصًا آخَرَ مِنْهُ وَقَالَ فِي الْأَخْذِ لِلشُّفْعَةِ هُوَ الشَّرِيكُ فِيهَا الشِّقْصُ الْمَبِيعُ بَعْضُهُ حِينَ بَيْعِهِ غَيْرُهُ فَلَمْ يَذْكُرْ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْبَيْعَ فَعَلَى مُقْتَضَاهُ يَقُولُ فِيمَا الشِّقْصُ الْمَمْلُوكُ بَعْضُهُ إلَخْ.
وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَقْتَضِي مِلْكًا فَلِأَيِّ شَيْءٍ خَصَّصَ بَعْضَ الرُّسُومِ بِذَكَرِ الْمِلْكِ دُونَ بَعْضٍ وَالشُّفْعَةُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ بِهَا إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُوجِبِ فِي الْمِلْكِ وَإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ حَكَمَ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ وَهَذَا يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ وَجَوَابٍ.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا وَهَبَ جُزْءًا مِنْ شِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا شُفْعَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالشَّيْخُ ظَاهِرُهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِهَا (قُلْت) حَدُّهُ إنَّمَا هُوَ هُنَا لِلْمَشْهُورِ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَذَا فِيهِ اضْطِرَابٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ حُدُودِهِ.
(فَإِنْ قُلْت) إنْ صَحَّ الْجَوَابُ بِذَلِكَ عَنْ الْهِبَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْجَوَابُ عَمَّنْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ حَظُّهُ مِنْ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ ذَكَرَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَذَكَرَ عَنْهُ سَحْنُونٌ فِي نَظِيرِهَا أَنْ لَا شُفْعَةَ وَذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّ الْأَظْهَرَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا حَدُّهُ مَعَ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا (قُلْت) لَعَلَّ الشَّيْخَ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَانِعِ الَّتِي مَنَعَتْ مِنْ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ قَبُولِهَا وَلَوْ زَادَ الشَّيْخُ فِي الرَّسْمِ بَعْدَ الرُّبْعِ مَا أَلْحَقَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا خَوْفًا مِنْ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ لِأَنَّ فِيهَا الشُّفْعَةَ عَلَى قَوْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَإِنْ قُلْت) هِبَةُ الثَّوَابِ قَالُوا إنَّهَا كَالْبَيْعِ فَهَلْ تَدْخُلُ فِي الْعِوَضِ (قُلْت) إنْ وَقَعَ الثَّوَابُ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَفِي ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ عِوَضٌ بِالْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ مُشَاعًا مَفْعُولٌ وَمَا بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَتَأَمَّلْ لِأَيِّ شَيْءٍ عَدَلَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَخَصْرُ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ مَلَكَ وَيُؤَدِّي مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى كَلَامِهِ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]
(ق س م) :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute