يَدْخُلُ فِي رَسْمِهِ (قُلْتُ) دُخُولُهُ ظَاهِرٌ فِي حَدِّهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ فِيهِ قَبْضُ مَا وَجَبَ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَاقْتِضَاءُ مَا لَزِمَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ عِوَضٍ أُخِذَ عَنْ أَحَدِ عِوَضَيْ الصَّرْفِ مُتَعَلِّقٌ بِعِوَضٍ عِوَضُهُ دُونَهُ وَمُتَعَلِّقٌ خَبَرٌ عَنْ اقْتِضَاءُ وَمَعْنَاهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي السُّؤَالِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[بَابُ الطَّعَامِ]
(ط ع م) : بَابُ الطَّعَامِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الطَّعَامُ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ الْآدَمِيِّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ شُرْبِهِ " قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالْفِلْفِلُ وَنَحْوُهُمَا فِي ذَلِكَ لِأَجْلِ ذِكْرِ الْإِصْلَاحِ قَالَ وَيَدْخُلُ اللَّبَنُ يَعْنِي لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ مِمَّا لَمْ يَغْلِبْ اتِّخَاذُهُ لِلْأَكْلِ وَإِنْ أُكِلَ فَلَا يَكُونُ طَعَامًا وَيَخْرُجُ مِنْ حَدِّ الشَّيْخِ الْمَاءُ فَإِنَّهُ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِلشُّرْبِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ لِلشُّرْبِ وَالْمَاءُ غَلَبَ فِي غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ نَافِعٍ مَا يُخَالِفُهُ قَالَ الشَّيْخُ وَيَخْرُجُ الزَّعْفَرَانُ قَالَ لِأَنَّهُ وَإِنْ اُتُّخِذَ لِلْإِصْلَاحِ فَلَمْ يَغْلِبْ لَهُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يُرَدُّ عَلَى الشَّيْخِ زَيْتُ الزَّيْتُونِ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَيَكُونُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْلِبْ لِلشُّرْبِ وَلَا لِلطَّعَامِ بَلْ الْغَالِبُ فِيهِ الْوَقِيدُ وَالصَّنْعَةُ وَالْأَكْلُ مَوْجُودٌ وَلَمْ يَغْلِبْ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِي الزَّعْفَرَانِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ إصْلَاحٌ فَلَمْ يَغْلِبْ فِيهِ
(قُلْتُ) يَظْهَرُ إيرَادُهُ وَلَعَلَّ جَوَابَهُ أَنَّهُ رَاعَى أَصْلَ اتِّخَاذِهِ وَمَا عَدَاهُ عَارِضٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ حَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ مَا يُعَدُّ طَعَامًا لَا دَوَاءً وَفَسَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا اُتُّخِذَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ أَرَادَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ خَرَجَ الْمِلْحُ لِاِتِّخَاذِهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّبْغِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهِ الزَّعْفَرَانُ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ قَالَ الْأَوْلَى تَفْسِيرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا يُقْصَدُ لِطَعْمِهِ قَالَ وَيَبْطُلُ بِمَا تَقَدَّمَ (قُلْتُ) وَسَلَمُ الشَّيْخُ ذُكِرَ الطَّعَامُ فِي حَدِّهِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَاك مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَيَّدَ الشَّيْخُ فِي حَدِّ الطَّعَامِ غَلَبَةَ الِاتِّخَاذِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كُلِّيَّةً فِي الزَّرِيعَةِ وَقَاعِدَةٌ حَاصِلُهَا أَنَّ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ مَا يُؤْكَلُ فَهُوَ طَعَامٌ وَعَكْسُهُ عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَهُمْ بَحْثًا (قُلْتُ) اُنْظُرْ ابْنَ رُشْدٍ فَإِنَّهُ قَيَّدَ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا يُصَحِّحُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute