الْعَدُوَّ أَعَمُّ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَقَدْ وَقَفْت حِينَ إقْرَاءِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجِهَادِ فِي قَوْلِهِ قِيلَ فَحَرْبِيٌّ إلَخْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَزَلَ بِسَاحِلِنَا مِنْ الْعَدُوِّ وَعَلَى مَا يَرْفَعُ الِاعْتِرَاضَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْعَدُوِّ فَذِكْرُ مَالِكٌ الْعَدُوَّ هُنَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادَفَتِهِ لِلْحَرْبِيِّ (قُلْتُ) يَظْهَرُ ذَلِكَ وَيَكُونُ غَلَبَ ذَلِكَ شَرْعًا وَالْآيَةُ لِعُمُومِ الْعَدُوِّ فِي الْغَالِبِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الشَّيْخِ ابْنِ هَارُونَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا سَلَّمْنَا ذَلِكَ وَأَنَّ الْعَدُوَّ مُرَادِفٌ عُرْفًا لِلْحَرْبِيِّ فَهَلَّا قَالَ الشَّيْخُ فِي رَسْمِهِ قِتَالُ مُسْلِمٍ حَرْبِيًّا أَوْ عَدُوًّا وَهُوَ أَخْصَرُ مِمَّا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ.
(قُلْتُ) يَأْتِي مَا يُجَابُ بِهِ عَنْهُ فِي شَرْحِ لَفْظِهِ فِي قَوْلِهِ فَيَخْرُجُ إلَخْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَخْرُجُ قِتَالُ الذِّمِّيِّ الْمُحَارَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَقْضٍ يَعْنِي بِقَوْلِهِ غَيْرِ ذِي عَهْدٍ ثُمَّ رَدَّ رَسْم ابْنُ هَارُونَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ بِالصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي رَسْمِهِ قَالَ وَهُمَا جِهَادٌ اتِّفَاقًا وَرَدّ رَسْمُ شَيْخِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرَدٍ إذَا قَاتَلَ لَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الرِّبَاطِ]
(ر ب ط) : بَابُ الرِّبَاطِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - " الرِّبَاطُ الْمَقَامُ حَيْثُ يُخْشَى الْعَدُوُّ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ لِدَفْعِهِ وَزَادَ عَنْ الْبَاجِيِّ وَلَوْ بِتَكْثِيرِ السَّوَادِ " قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْمَقَامُ " اسْمُ مَصْدَرٍ وَقَوْلُهُ " حَيْثُ يُخْشَى الْعَدُوُّ " ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمُنْتَهَاهُ قِيلَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِالْأَهْلِ وَفِيهِ خِلَافٌ أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدُ وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ أَهْلٍ عَلَى رَأْيٍ وَمُطْلَقًا عَلَى آخَرَ لَصَحَّ قَوْلُهُ حَيْثُ يُخْشَى الْعَدُوُّ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يُخْشَى مِنْهُ عَدُوٌّ فِي حَالَةِ الرِّبَاطِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى رِبَاطًا شَرْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ نَزَلَ بِهِ الْعَدُوُّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ سِنِينَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِرِبَاطٍ كَذَا قِيلَ فِي الْمَذْهَبِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ «فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ» فِي الْحَثِّ عَلَى طَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَذَلِكَ يَدُلُّ عُمُومُ الرِّبَاطِ وَصَدَّقَهُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قُلْتُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute