الْمُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ لَا تَوْبَةَ لَهُ ضَرُورَةَ أَنَّ الْعَزْمَ الْمَذْكُورَ شَرْطٌ فِي التَّوْبَةِ وَإِذَا تَعَذَّرَ الشَّرْطُ تَعَذَّرَ الْمَشْرُوطُ وَالشَّرْطُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ لِاسْتِحَالَةِ الزِّنَا عَادَةً مِنْ الْمَجْبُوبِ وَذَلِكَ الْمُتَعَذِّرُ هُوَ الَّذِي يَعْزِمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ فَلَمَّا حَقَّقَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ فَصَّلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ لَا يَخْلُو أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ الْعَزْمَ إنَّمَا هُوَ مَشْرُوطٌ قَصْدًا أَوْ إنَّهُ مَشْرُوطٌ وَسِيلَةً لِتَرْكِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَرْكِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ حُصُولَ تَرْكِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْبُوبِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِهِ فِي غَيْرِ الْمَجْبُوبِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْبُوبِ ذَلِكَ وَتَصِحُّ مِنْهُ التَّوْبَةُ كَمَا ذَكَرَتْهُ الْجَمَاعَةُ لِأَجْلِ مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْعَزْمِ إنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا
وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْعَزْمَ إنَّمَا طُلِبَ فِي التَّوْبَةِ لِذَاتِهِ وَعَلَيْهِ مَضَى أَبُو هَاشِمٍ فِي الْمَجْبُوبِ فَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ مَا وَقَعَ لِلْمَشْهُورِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ قَالَ بِالْحِنْثِ فِيهَا مَعَ كَوْنِهِ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلٍ مُعَلَّقٍ عَلَى أَمْرٍ قَدْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِ عَلَى تَقْدِيرِهِ فِيمَا مَضَى مَعَ اسْتِحَالَةِ وُجُودِ ذَلِكَ الْفِعْلِ حَالَ الْعَزْمِ مُمْكِنًا فَكَمَا لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَجْبُوبِ لِاسْتِحَالَةِ تَقْدِيرِ الْعَزْمِ فِيهِ عَلَى تَرْكِ الْمَعْدُومِ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وُجُودُ الْبِرِّ مِنْ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ الْعَزْمِ فِيهِ الْمَطْلُوبُ لِذَاتِهِ وَلِذَا حَنِثَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ التَّقْسِيمَ أَنَّ الْعَزْمَ إنْ طُلِبَ لِذَاتِهِ فِي التَّوْبَةِ صَحَّ قَوْلُ أَبِي هَاشِمٍ فِي عَدَمِ صِحَّةِ تَوْبَةِ الْمَجْبُوبِ وَجَرَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا ذَكَرَ وَكَانَ دَلِيلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ وَسِيلَةً لِتَرْكِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ صَحَّ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ تَوْبَةَ الْمَجْبُوبِ صَحِيحَةٌ بِمَا ذَكَرَ وَكَانَ يَمُرُّ لَنَا أَنَّ الْقَائِلَ بِالْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ إنَّمَا عَلَّلَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَبَرُّ فِيهِ وَلَا فِي مِثْلِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُغَايِرَةٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ إذَا تَأَمَّلْتَهَا وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ عِلَّةَ الشَّيْخِ تُوجِبُ الْحِنْثَ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِي تَنْجِيزِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْمُحَالِ.
[بَابٌ فِيمَا يُنْجَزُ فِيهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ]
(ط ل ق) بَابٌ فِيمَا يُنْجَزُ فِيهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ
بِاتِّفَاقٍ " هُوَ مَا عُلِّقَ بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عَادَةً " هَذَا ظَاهِرٌ كَمَنْ كَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute