للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَحْسَنِ كَلَامٍ فِي مُنَاقَضَةِ لَفْظِهِ وَبَيَانِ حُسْنِ إلْزَامِهِ وَذَلِكَ أَنَّ شَيْخَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ سَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الرُّسُومِ كَعَادَتِهِ فِي أَوَائِلِ الْكُتُبِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذَا وَإِنَّ مَعْنَى الْوَكَالَةِ جَلِيٌّ وَهُوَ النِّيَابَةُ لَا يَحْتَاجُ إلَّا إلَى تَفْسِيرِ اللَّفْظِ فَقَطْ لَا إلَى حَدٍّ وَلَا إلَى رَسْمٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى مَحَلِّ الْوَكَالَةِ فَيَكُونُ قَصْدُهُ بَيَانَ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ، وَلِذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْوَكِيلُ مَعْرُوفٌ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا الْكَلَامَ، قَوْلُهُ أَوَّلًا ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَنَّهُ رَسْمٌ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ ثَانِيًا الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَقْرَبُ لِلْفَهْمِ مِنْ غَيْرِهِ فَجَعَلَ نَقِيضَهُ أَقْرَبَ يُنَاقِضُهُ وَقَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَّا إلَى تَفْسِيرِ اللَّفْظِ بِاللَّفْظِ نَصَّ مِنْهُ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ لَا يُنْجِيهِ مِنْ التَّعَقُّبِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّعْرِيفِ اللَّفْظِيِّ اتِّحَادُ مَدْلُولِ اللَّفْظَيْنِ وَهُمَا هُنَا مُتَغَايِرَانِ لِأَنَّ مَدْلُولَ النِّيَابَةِ أَعَمُّ مِنْ مَدْلُولِ الْوَكَالَةِ لِصِدْقِ النِّيَابَةِ عَلَى مَا لَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ النِّيَابَةَ تَصْدُقُ عَلَى إمَامِ الطَّاعَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَلَا تَصْدُقُ الْوَكَالَةُ عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ كَمَنْ عَرَّفَ الْقَمْحَ بِقَوْلِهِ هُوَ الْحَبُّ الْمَأْكُولُ وَهَذَا بَحْثٌ حَسَنٌ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ فِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى.

(فَإِنْ قُلْت) هَلْ يَدْخُلُ فِي حَدِّ الشَّيْخِ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ وَالْمُقَيَّدَةُ أَوْ لَا تَدْخُلُ إلَّا الْمُقَيَّدَةُ (قُلْت) الظَّاهِرُ دُخُولُ الْوَكَالَتَيْنِ فِي الْحَدِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَالَ ذِي حَقٍّ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقٌّ فَالْحَقُّ لَا إنْ كَانَ مُطْلَقًا وَلَا إنْ كَانَ عَامًّا إلَّا مَا خَصَّصَتْهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ لِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(فَإِنْ قُلْت) إذَا قَالَ لِرَجُلٍ أَقِرَّ عَنِّي أَوْ اعْتَرِفْ عَنِّي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَكَالَةٌ أَوْ اعْتِرَافٌ مِنْ الْآمِرِ فَإِنْ كَانَتْ وَكَالَةً فَكَيْفَ يَصِحُّ دُخُولُهَا فِي الْحَدَّيْنِ (قُلْت) هَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا الْمَازِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَكَرَ فِيهَا وَجْهَيْنِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَاَلَّذِي حَقَّقَ الشَّيْخُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ جَعْلِهِ ذَلِكَ بِيَدِ غَيْرِهِ فَانْظُرْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي لِرَجُلٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ الشِّرَاءَ وَرِضَاهُ قَالَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لِلشَّيْءِ إرَادَةٌ لَهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[بَابٌ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الْوَكَالَةُ]

قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ

<<  <   >  >>