وَالْجُعْلُ وَالْإِجَارَةُ وَاقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقُ وَإِقَامَةُ الْحَدِّ وَبَعْضُ الْقُرَبِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ إلَّا أَنَّهُ أَضَافَ ذَلِكَ لِلنِّيَابَةِ لَا لِلْوَكَالَةِ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ بَعْدُ وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلْمُوَكَّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ قَالَ وَقَوْلُنَا غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ احْتَرَزْنَا بِهِ بِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى أَدَائِهَا فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْت) الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَجُوزُ فِيهِ الْوَكَالَةُ عَرَّفَهَا بِمَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ أَخَصُّ مِنْ النِّيَابَةِ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ الْمُسَاوَاةُ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قُلْت) لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ مَصْدُوقِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ التَّسَاوِي بِمَا ذَكَرَ أَنَّ النِّيَابَةَ خَاصَّةٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ.
(فَإِنْ قُلْت) مَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ مَجْهُولٌ لِلسَّامِعِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّفْسِيرُ بِهِ (قُلْت) لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إلَخْ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ شَرْعًا فَتَصِحُّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَكَالَةُ.
(فَإِنْ قُلْت) مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ إلَخْ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ أَضَافَ ذَلِكَ لِلنِّيَابَةِ لَا لِلْوَكَالَةِ (قُلْت) يَظْهَرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ إلَى الْمِثْلِ وَإِنَّ اللَّخْمِيَّ أَضَافَهَا لِلْوَكَالَةِ وَالْمَازِرِيُّ أَضَافَهَا إلَى النِّيَابَةِ وَفِي ذَلِكَ إشْكَالٌ وَهُوَ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمْنَاهُ الْآنَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ السُّؤَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَقْصِدْ تَفْسِيرَ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِمَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ إلَّا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقَلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَعْمَالِ الْأَبَدَانِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ إلَّا أَنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْقُضُ قَوْلُهُ فِي أَعْمَالِ الْأَبَدَانِ الْمَحْضَةِ بِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْيِ لِمَرَضٍ فِي الْحَجِّ يَرْمِي عَنْهُ.
(فَإِنْ قُلْت) هَلْ تَدْخُلُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْوَكَالَةُ فِي الْكَفَالَةِ (قُلْت) يَظْهَرُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَشَرَحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَكَفَّلْ عَنْهُ، وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِيمَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ وَكَفَالَةُ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ مُمْتَنِعَةً وَشَرَحَهُ ابْنُ هَارُونَ بِوَجْهٍ آخَرَ يُمْكِنُ دُخُولُ الْكَفَالَةِ فِيهِ اُنْظُرْهُ (فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي الطَّلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute