حَلِفٌ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْوَطْءِ فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْتَقِي مَعَهَا سَنَةً لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ (قُلْتُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ الْتِزَامًا وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ بَعْدُ وَدَلَالَةُ الِالْتِزَامِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ كَدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ سَنَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ الْإِيلَاءِ وَمَا يُقَالُ إنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ مَهْجُورَةٌ فِي الْحُدُودِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ أَوْ اصْطِلَاحٌ وَهُنَا لِلشَّيْخِ بَحْثٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَلِشَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَحْثٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهَا لَا اغْتَسَلْت مِنْ جَنَابَةٍ هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَمْ لَا (فَإِنْ قُلْتَ) مَا زَادَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي آخِرِهِ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُ الْحِنْثُ فِيهَا حُكْمًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَكَيْفَ يُوَفِّي بِهِ كَلَامُ الشَّيْخِ هُنَا مَعَ حَذْفِهِ (قُلْتُ) قَوْلُهُ " يُوجِبُ " إلَخْ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْتِزَامًا لِأَنَّ مَا لَا يُوجِبُ عَلَى زَوْجِهَا حُكْمًا لَا يُوجِبُ لَهَا خِيَارًا فِي نَفْسِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا حَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهَا أَبَدًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ بِالْإِضْرَارِ وَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ بِحَالٍ فَظَاهِرُ هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الِالْتِزَامَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُطَابَقَةِ (قُلْتُ) لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَاقِضُهُ بِوَجْهٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْوَطْءِ بِلَيْلٍ فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ " يُوجِبُ خِيَارَهَا " صِفَةٌ لِحَلِفِ الزَّوْجِ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ أَوْجَبَ خِيَارَهَا وَالْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ تَلَوُّمُ الْقَاضِي لَهُ فِي الْوَطْءِ فَإِذَا امْتَنَعَ خُيِّرَتْ (قُلْتُ) لَمَّا كَانَ التَّلَوُّمُ مُسَبَّبًا عَنْ الْحَلِفِ صَحَّ أَنَّ سَبَبَ السَّبَبِ سَبَبٌ فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فَإِنْ قُلْتَ) وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا» وَهَذَا إطْلَاقٌ شَرْعِيٌّ وَأَنَّهُ يَكُونُ فِي شَهْرٍ (قُلْتُ) إنَّمَا ذَلِكَ لُغَةً وَالشَّرْعُ قَرَّرَ فِي الْآيَةِ الْعُرْفِيَّ وَقَدْ قَدَّمْنَا إشْكَالَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْعُرْفِيِّ وَفِي اسْتِدْلَالِ الْفُقَهَاءِ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِيلَاءِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ شَرْطِ الْمُوَلِّي]
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " كَوْنُهُ زَوْجًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا مُمْكِنًا وَطْؤُهُ " وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute