للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجَدْتُهُ مُقَيَّدًا عَنْ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ عَيْنُ الشَّيْءِ وَاضِحَةٌ وَسَمْتُهُ ذَاتُهُ وَهَوَاهَا وَجِهَتُهُ مَحَلُّهُ الَّذِي لَوْ كَانَ بِهِ رَآهُ مَنْ قَصَدَ رُؤْيَتَهُ مِنْ مَحَلِّهِ فَقَوْلُنَا كَوْنُ الْمُصَلِّي يُبْصِرُ جِنْسَ الِاسْتِقْبَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرَ وَلَكِنْ حَالَةٌ لِلْمُصَلِّي وَقَوْلُهُ عَيْنُ الْكَعْبَةِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَمْتُهَا أَوْ جِهَتُهَا إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ بَعُدَ عَنْهَا فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ بَعُدَ هَلْ الْمَطْلُوبُ فِي حَقِّهِ سَمْتُهَا أَوْ جِهَتُهَا وَالْأَكْثَرُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْجِهَةِ وَابْنُ الْقَصَّارِ يُرَاعِي السَّمْتَ وَلِلشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُنَا بَحْثٌ فِي كِتَابِهِ قَرَأْنَاهُ عَلَى الْمَشَايِخِ وَفِيهِ فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ جَمِيلَةٌ أَثَابَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَفَعَنَا وَإِيَّاهُ بِهَا وَمَنْ بِمَكَّةَ قِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي حَقِّهِ الْعَيْنُ وَقِيلَ الْمَطْلُوبُ السَّمْتُ وَرَأَيْت عَنْ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّرُ الْجِهَةَ فِي الْكَعْبَةِ وَيُقَرِّبُ مِثَالَهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِكَوْنِهِ مَثَلًا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسِ الدَّرْسِ فَمَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ لَيْسَ مُوَاجِهًا وَلَا فِي جِهَةِ الشَّيْخِ وَمَنْ كَانَ مُقَابِلًا لَهُ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ هُوَ فِي جِهَتِهِ وَمُوَاجِهًا لَهُ فَإِذَا انْتَقَلَ إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ هُوَ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ فَلَمْ يَزَلْ فِي الْجِهَةِ وَقَدْ رَأَيْت لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَقْيِيدًا حَسَنًا فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ بِالْجِهَةِ وَالسَّمْتِ وَأَشْبَعَ الْكَلَامَ فِيهِ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الْهَنْدَسَةِ فَمَا أَقْوَى هِمَّتُهُ وَأَشَدَّ اهْتِمَامَهُ وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَفَرَ لَهُ وَنَفَعَتَا بِهِ بِمَنِّهِ.

[بَابُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ]

(ك ب ر) : بَابُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مُضَافٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ فَالتَّكْبِيرُ التَّلَفُّظُ بِاَللَّهِ أَكْبَرُ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدُ " وَالْإِحْرَامُ " قَالَ فِيهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " ابْتِدَاؤُهَا مُقَارِنًا لِنِيَّتِهَا ". فَقَوْلُهُ " ابْتِدَاؤُهَا " مَصْدَرٌ وَالْإِحْرَامُ مَصْدَرٌ فَرَاعَى مَقُولَتَهُ فِي الْجِنْسِ وَضَمِيرُ الْإِضَافَةِ يَعُودُ عَلَى الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ " لِنِيَّتِهَا " خَاصَّةٌ لِلْمَحْدُودِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْإِحْرَامُ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ نِيَّةٍ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ حَدُّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْتَضِي أَنَّ الْإِحْرَامَ خَارِجٌ عَنْ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا أَوْ لَا يَدُلُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؟ وَقَدْ نَقَلُوا الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَبَنَوْا عَلَيْهِ مَسَائِلَ مَذْهَبِيَّةً

<<  <   >  >>