عِوَضٍ وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي جَوَابِ الشَّيْخِ وَتَأَمَّلْ جَوَابَ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَسْئِلَتِهِ إذَا مَاتَ الْمُكْرِي وَفِيهِ مَا يُنْظَرُ مَعَ هَذَا وَتَأَمَّلْ مَنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَمَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلْفَهْمِ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ لَنَا سُؤَالٌ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كَوْنِهِ ذَكَرَ الْإِنْشَاءَ فِي حَدِّ الْعُمْرَى فَقَالَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ حَيَاةِ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ وَلَمْ يَزِدْ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا وَقَيْدُ الْإِنْشَاءِ أَخْرَجَ بِهِ الْحُكْمَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعُمْرَى فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ هُنَا إنْ صَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ هُنَاكَ وَلَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ قَوِيٌّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، ثُمَّ أَشَارَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْحَبْسِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَهَذَا يُعَيِّنُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْحَبْسَ مِنْ حَدَّيْهِ بِقَوْلِهِ مُؤَقَّتَةٌ وَيَأْتِي لَهُ بَعْدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ الْحَبْسُ فِي سُكْنَى الْمَدَارِسِ وَشَبَهِهِ لَيْسَ فِيهِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ الِانْتِفَاعُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْقَرَافِيُّ فَالْحَبْسُ عَلَى هَذَا يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ وَبِأَحَدِ قِسْمَيْهِ يُرَدُّ الِاعْتِرَاضُ قَالَ وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْمَصْدَرَ وَالْعُرْفُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُهُ اسْمًا وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُعَارُ هَذَا كَلَامُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَ بِهِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعُرْفَ فِي إطْلَاقِ الْعَارِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الِاسْمُ وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّهُ يَحُدُّ الْمَصْدَرُ وَالِاسْمُ إذَا كَانَ الِاسْتِعْمَالُ فِيهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ صَحَّ الْعُرْفُ عِنْدَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يُحَدُّ إلَّا الِاسْمِيُّ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ يُقَالُ إذَا سَلَّمَ مَا ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ عُرْفًا عَلَى الِاسْمِيِّ فَيُقَالُ فِي حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْ صُوَرِ الْمَحْدُودِ بَلْ حَدُّ حَقِيقَةٍ بِغَيْرِ مَعْنَاهَا فَقَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ فِيهِ مُنَاقَشَةٌ فَتَأَمَّلْهُ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَيْنِ مَوْجُودَانِ عُرْفًا لَكِنَّ الْغَالِبَ الِاسْمِيَّةُ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَدْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ التَّكَلُّفِ فِي الْجَوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمُعِيرِ]
(ع ور) : بَابُ الْمُعِيرِ
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لَا لِعَيْنِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ مَمْلُوكَ مَنْ مَلَكَهَا لِعَيْنِهِ إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ لَا الْمَنْفَعَةُ قَوْلُهُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ مَالِكِ الذَّاتِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا أَوْ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ وَحْدَهَا قَوْلُهُ لَا لِعَيْنِهِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِأَجْلِ عَيْنِ الْمَالِكِ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلْعَارِيَّةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقَيُّدَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute