وَكَانَ أَيْضًا يَمْضِي لَنَا فِي الْقَدِيمِ سُؤَالٌ أَوْرَدَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْبَجَائِيِّينَ عَلَى بَعْضِ شُيُوخِنَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ التَّفْرِيقِ الْمَذْكُورِ وَحَاصِلُ مَعْنَاهُ إذَا صَحَّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ وَقَدْ قُلْتُمْ بِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَلَا عَكْسَ فَصَحَّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ أَخَصُّ وَشَرْطَ الْأَدَاءِ أَعَمُّ وَالْأَخَصُّ يَسْتَلْزِمُ الْأَعَمَّ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ لَزِمَ فِي شَرْطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ مَثَلًا أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِلْمُكَلَّفِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْأَعَمِّ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِلْمُكَلَّفِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْأَخَصِّ وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِثُبُوتِ الْإِحَالَةِ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ وَوَقَعَتْ عَنْ ذَلِكَ أَجْوِبَةٌ فِيهَا أَبْحَاثٌ يَطُولُ جَلْبُهَا وَتُخْرِجُ عَنْ الْغَرَضِ وَتَأَمَّلْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَهُ مَعَ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ. - رَحِمَهُ اللَّهُ -
[بَابٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ]
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْأَوَّلُ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كُلَّ زَمَنِهِ " قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْأَوَّلُ " أَيْ الْإِسْلَامُ فَصَيَّرَهُ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ ثَانِيًا كَمَا صَيَّرَهُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ أَوَّلًا وَهَذَا يُقَوِّي السُّؤَالَ وَالْإِشْكَالَ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ لَمْ يَعْمَلْ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ وَذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعَقْلَ فِي شَرْطِ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْوُجُوبِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْوُجُوبِ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ ذَكَرَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ فِي شَرْطِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ " كُلَّ زَمَنِهِ " يَعُودُ إلَى النَّقَاءِ مِمَّا ذَكَرَ وَإِنَّ النَّقَاءَ مِمَّا ذَكَرَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي جَمِيعِ زَمَنِهِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مِنْهُ بَلْ مَهْمَا كَانَ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ فِي وَقْتِ صَوْمٍ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَمَلَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهُمَا هَلْ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ أَوْ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ كَمَا ذَكَرْنَا هُنَا وَالْأَظْهَرُ عِنْدَهُ هُوَ الْأَوَّلُ فَهَلْ يَصِحُّ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ ذَلِكَ (قُلْتُ) يُمْكِنُ ذَلِكَ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ وَضِدُّهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا كَالرِّدَّةِ وَكَذَلِكَ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ بِشَرْطِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) أَطْلَقَ فِي الْعَقْلِ وَقَدْ قَدَّمَ شَرْطَ إبْطَالِ الْإِغْمَاءِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute