وَإِنْ كَانَ الْقِسْمُ فِي الْمُشْتَرَكِ الْمُتَعَدِّدِ تَعَلَّقَ الْقِسْمُ فِيهِ بِالزَّمَانِ بِالْعَرَضِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ بِالذَّاتِ آحَادُ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ إذْ بِهِ يُعْلَمُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ فِي الْقَدْرِ الْمُدَّةِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الشَّيْخُ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا وَكَذَلِكَ فِي الدَّارِ وَغَيْرِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالسُّكْنَى وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ لَا بِالِاسْتِغْلَالِ وَلِذَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا لِلْمُهَانَاتِ مُسْتَأْنَفًا وَالْأَوَّلُ الظَّاهِرُ.
(فَإِنْ قُلْت) قَدْ قَالُوا بِجَوَازِ قِسْمِ الْحَبْسِ بِالِاسْتِغْلَالِ وَفِيهِ خِلَافٌ (قُلْت) الْخِلَافُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْت وَتَأَمَّلْ مَا تَأَوَّلَ بِهِ الشَّيْخُ ذَلِكَ مِنْ حَمْلِ الْقِسْمِ عَلَى ثَمَنِ الْمَنْفَعَةِ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفَعُ بِهِ وَبِعِلْمِهِ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[بَابُ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي]
(ق س م) : بَابُ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَمَّاهَا الْقَاضِي قِسْمُهُ بَيْعٍ وَهِيَ أَخْذُ بَعْضِهِمْ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا يَعْدِلُهُ بِتَرَاضٍ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ قَوْلُهُ أَخَذَ بَعْضُهُمْ.
(فَإِنْ قُلْت) صَيَّرَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجِنْسَ أَخْذًا فَهَلَّا قَالَ بَيْعُ بَعْضِهِمْ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَصْدُقُ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَ عَنْ الْقَاضِي (قُلْت) يَظْهَرُ مِنْ رَسْمِهِ أَنَّهَا عِنْدَهُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ بِالْمُرَاضَاةِ وَبِالْعَقْدِ وَقَوْلُهُ أَخَذَ ظَاهِرٌ فِي قَصْدِ الْمُعَاطَاةِ الْفِعْلِيَّةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بَيْعٌ وَتَأَمَّلْ لِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ تَصْيِيرُ وَهُنَا أَخَذَ وَانْظُرْ هَلْ الْأَخْذُ عَيْنُ قِسْمَةِ التَّرَاضِي أَوْ هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهَا وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِمْ عَائِدٌ عَلَى الشُّرَكَاءِ أَيْ أَخَذَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ وَأَخْرَجَ بِالشُّرَكَاءِ الْأَجَانِبَ وَأَخْرَجَ بِالْبَعْضِ الْكُلَّ وَأَخْرَجَ بِمَا بَيْنَهُمْ مَا لَيْسَ فِيهِ شَرِكَةٌ.
(فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ صَحَّ جَمْعُ الشُّرَكَاءِ مَعَ أَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فَقَطْ (قُلْت) لَعَلَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَلَوْ قَالَ شَرِيكَيْنِ فَصَاعِدًا لَكَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَى أَخَذَ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذِ وَقَوْلُهُ كُلّ وَاحِدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ بِتَرَاضٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعِ مُرَاضَاةٍ قَوْلُهُ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ حَالٌ مِنْ الْبَعْضِ أَخْرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ بَلْ كَانَ لِلْبَعْضِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَاب فِي قِسْمَة الْقُرْعَةِ]
(ق س م) :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute