[بَابٌ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ]
ن ك ح) : بَابٌ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ " قَوْلُهُ " مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةٍ " أَصْلُهُ نِكَاحٌ عُقِدَ فَأَطْلَقَ مَا عَلَى النِّكَاحِ لِأَنَّ نِكَاحَ التَّسْمِيَةِ قِسْمٌ مِنْهُ وَهُوَ جِنْسٌ لَهُ وَقَوْلُهُ " دُونَ تَسْمِيَةٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ النِّكَاحِ الْمُسَمَّى قَوْلُهُ " وَلَا إسْقَاطِهِ " احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا تَزَوَّجَ عَلَى أَلَّا صَدَاقَ لَهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسَمًّى قَوْلُهُ " وَلَا صَرْفٍ لِحُكْمِ أَحَدٍ " أَخْرَجَ بِهِ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ فِيمَا يُعِينُهُ مِنْ مَهْرِهَا لِأَنَّهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ التَّحْكِيمِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا جَرَتْ عَادَةٌ بِمَهْرٍ فِي عُرْفٍ وَوَقَعَ الْعَقْدُ وَلَمْ تَقَعْ تَسْمِيَةٌ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَرِدُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ التَّفْوِيضِ (قُلْتُ) نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّفْوِيضِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ التَّسْمِيَةِ فَأَمَّا إنْ صَحَّحْنَا مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَنَلْتَزِمُ دُخُولَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَنَا أَنْ نَقُولَ التَّسْمِيَةُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا قَوْلِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً وَفِيهِ نَظَرٌ.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صُورَةً مُرَكَّبَةً فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ يَكُونُ قَدْ سُمِّيَ النَّقْدُ فِيهِ وَفُوِّضَ الْمُؤَجَّلُ فَكَيْفَ تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي حَدِّهِ مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَاقَ إمَّا مُسَمًّى أَوْ مُفَوَّضٌ وَهَذَا مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا (قُلْتُ) لَنَا أَنْ نَقُولَ بِمَنْعِ حَصْرِ الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَدُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُهَا وَيَصْدُقُ فِيهَا فَنَقُولُ النِّكَاحُ بِاعْتِبَارِ الصَّدَاقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَسْمِيَةٌ وَتَفْوِيضٌ وَمُرَكَّبٌ مِنْهُمَا (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ صَحَّ النِّكَاحُ فِي التَّفْوِيضِ مَعَ أَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَهَذَا نِكَاحٌ لَا صَدَاقَ فِيهِ (قُلْتُ) تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَإِسْقَاطُهُ يُفْسِدُ النِّكَاحَ وَإِمْكَانُ لُزُومِ الصَّدَاقِ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ (فَإِنْ قِيلَ) نِكَاحُ التَّسْمِيَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الصَّدَاقِ فِيهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (قِيلَ) قَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِأَنَّ اللُّزُومَ لِعَارِضٍ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ الْأَصْلِيَّ وَقَدْ رَدَّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ إنَّهُ رُكْنٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ السُّؤَالِ فِي التَّفْوِيض وَالشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute