كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَخُصُّهُ.
(فَإِنْ قُلْت) قَدْ حَقَّقَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَرْقَ بَيْنِ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي خَاصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ فِي التَّعَدِّي الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ قَصَدَ التَّمَلُّكَ لِلرَّقَبَةِ فَهُوَ غَصْبٌ فَنَقُولُ عَلَى ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ لِلْفُقَهَاءِ قَوْلُهُمْ إذَا غَصَبَ السُّكْنَى لِدَارٍ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي قِيمَةِ السُّكْنَى فَقَطْ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُمْ سَمَّوْا ذَلِكَ غَصْبًا وَهُوَ فِي الْمَنْفَعَةِ (قُلْت) سَمُّوهُ غَصْبًا لُغَوِيًّا لَا شَرْعِيًّا وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ النَّقْلَ فِي ضَمَانِ الدَّارِ اخْتَلَفَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَانْظُرْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبَحْثِ وَتَحْقِيقِ النَّقْلِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ مُنَاقَضَةِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ بِمَنْ تَعَدَّى عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِلرَّقَبَةِ وَانْظُرْ كَلَامَ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي بَابِ التَّعَدِّي، وَقَدْ بَحَثَ مَعَ شَيْخِهِ وَمَعَ ابْنِ الْحَاجِبِ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ بِمَنِّهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]
(ح ق ق) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ تَرَاجِمِ كُتُبِهَا الِاسْتِحْقَاقُ، ثُمَّ عَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ " رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ " الِاسْتِحْقَاقُ فِي اللُّغَةِ مَعْلُومٌ وَهُوَ إضَافَةُ الشَّيْءِ لِمَنْ يَصْلُحُ بِهِ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعَبَّرَ بِالرَّفْعِ وَهُوَ الْإِزَالَةُ كَمَا قِيلَ فِي النُّسَخِ رَفْعُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَهُنَا رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ وَالْمِلْكُ الْمَذْكُورُ عَرَّفَهُ الشَّيْخُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ أَمْرٍ جَائِزٍ فِعْلًا أَوْ حُكْمًا إلَى آخِرِ حَدِّهِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَعْسُرُ حَدُّهُ.
(فَإِنْ قُلْت) فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيُقَالُ فِي هَذَا الْحَدِّ التَّرْكِيبُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ قَبْلُ فِي حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي حَدِّ الْغَصْبِ وَلَا يُجَابُ بِمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute