بِأَنَّهُ قَدْ عَرَّفَ الْحِرَابَةَ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا لَا يَنْفَعُ إلَّا لَوْ وَقَعَ التَّعْرِيفُ فِيهِ قَبْلُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا (قُلْت) وَلَعَلَّ الْجَوَابَ عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ خَاصَّةً التَّرْكِيبُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَبَحْثٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ بِثُبُوتِ مِلْكِ رَفْعِ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ قَوْلُهُ " قَبْلَهُ " أَخْرَجَ بِهِ رَفْعَ الْمِلْكِ بِمِلْكٍ بَعْدَهُ قَوْلُهُ " أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ " يَعْنِي بِثُبُوتِ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى دُخُولِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ قَوْلُهُ " بِغَيْرِ عِوَضٍ " أَخْرَجَ بِهِ مَا وُجِدَ فِي الْمَغَانِمِ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ أَهَلَّ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالثَّمَنِ فَلَوْلَا زِيَادَةُ هَذَا الْقَيْدِ لَكَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مُطَّرِدٍ، ثُمَّ قَالَ فَيَخْرُجُ الْعِتْقُ يَعْنِي بَتَّ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ لَكِنْ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ كَمَا أَخْرَجْنَا مَا شَابَهَهُ وَانْظُرْ حَدَّ الْعِتْقِ مَعَ مَا هُنَا فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ يُفْهَمُ بِهِ دُخُولُ الْعِتْقِ.
(فَإِنْ قُلْت) رَسْمُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رُبَّمَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِلْكٌ بِحَبْسٍ كَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا، ثُمَّ أَثْبَتَ الْحَبْسَ كَمَا يَجِبُ فَإِنَّ الْمِلْكَ يُرْفَعُ بِالْحَبْسِ كَمَا قُلْتُمْ فِي الْعِتْقِ فَكَمَا أَدْخَلَ الْعِتْقَ حَقُّهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَبْسَ (قُلْت) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْحَبْسَ إذَا ثَبَتَ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ إمَّا لِلْمُحْبِسِ أَوْ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَتَأَمَّلْ إذَا اسْتَحَقَّ حُرٌّ بِمِلْكٍ كَيْفَ تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِهِ قَالَ وَمُطْلَقُ رَفْعِ مِلْكٍ بِمِلْكٍ بَعْدُ يَعْنِي أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ مَا يُنْقَلُ مِلْكًا فَلَا يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قُلْت) قَوْلُ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ قَائِلٌ فِي مَذْهَبِنَا بَلْ إذَا قَامَ قَائِمٌ عَلَى حَائِزٍ وَثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْقَائِمِ سُئِلَ الْحَائِزُ بِأَيِّ وَجْهٍ حَازَهُ فَإِنْ عَجَزَ وَسَلِمَ الطَّعْنُ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِرَفْعِ يَدِهِ بِالْمِلْكِ لِلْقَائِمِ فَحَقُّ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقُولَ رَفْعُ حَوْزِ شَيْءٍ لَا رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ (قُلْت) لَعَلَّ الْحَائِزَ اسْتَنَدَ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ لِشِرَاءٍ أَوْ مَا يَشْهَدُ لِمِلْكِهِ (قُلْت) وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ فَعُقُودُ الْأَشْرِيَةِ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِنَا (فَإِنْ قُلْت) قَدْ أَقَامَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إفَادَةَ الْمِلْكِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِالِاشْتِرَاءِ مِنْ مَسَائِلَ ثَلَاثٍ وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ (قُلْت) فِيهَا بَحْثٌ وَالْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْأَقْضِيَةِ وَفِيهَا بَحْثٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute