بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْقِسْمَةِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ الْقِسْمَةُ تَصْيِيرُ مَشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ قَوْلُهُ " تَصْيِيرُ " جِنْسٌ مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ وَالْقِسْمَةُ كَذَلِكَ عُرْفًا وَتَصْيِيرُ الْمَشَاعِ مُعَيَّنًا هُوَ التَّمْيِيزُ قَوْلُهُ " مَشَاعٍ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَتَعْيِينُ مُطْلَقِ عَدَدٍ مُوصَى بِهِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَتَعْيِينُ مُعْتِقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَحَدَهُمَا قَوْلُهُ " مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ تَعْيِينِ الْمَشَاعِ فِي مِلْكِ مَالِكٍ قَوْلُهُ " مُعَيَّنًا " أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ " مِنْ مَمْلُوكٍ " مُتَعَلِّقٍ " بِمَشَاعٍ " وَقَوْلُهُ " مُعَيَّنًا " مَعْمُولٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّصْيِيرِ وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لَهُ وَالْأَوَّلُ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا قَدَّمْنَا قَوْلُهُ " وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ " جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ قَبْلَهَا تَقْدِيرُهُ صَيَّرَهُ بِاخْتِصَاصٍ أَيَّ اخْتِصَاصٍ كَانَ، وَلَوْ كَانَ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ كَمَا قَدَّمْنَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِهَانَاتٌ أَوْ مُهَايَاتٌ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٌ وَالْمَقْسُومُ يَنْقَسِمُ إلَى مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَإِلَى عَقَارٍ وَعُرُوضٍ ذَكَرَ مَا يَعُمُّ مَحَالَّ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ أَوْ الْأَنْوَاعِ فَزَادَ فِي رَسْمِهِ قَوْلَهُ: وَلَوْ إلَى آخِرِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَإِنْ كَانَ بِتَصَرُّفٍ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ كُلِّ شَرِيكٍ يَخْتَصُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَشَاعِ الْمُعَيَّنِ.
(فَإِنْ قُلْت) فَمَا فَائِدَةُ هَذِهِ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ إلَخْ وَهَلَّا قَالَ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّصْيِيرِ وَهُوَ أَخَصْرُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ يَقُولُ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ أَوْ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ (قُلْت) يَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَلَوْ قَالَهُ لَصَحَّ وَمَا زَالَ يُشْكِلُ عَلَيْنَا فَهْمُهُ فَهَمَّنَا اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ إنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ بَلْ الْمَقْصُودُ الْقُرْعَةُ؛ فَلِذَا ذَكَرَ بِالْغَايَةِ مَا يُوهِمُ عَدَمَ الدُّخُولِ فِي الْحَدِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ صَحَّ قَصْدُ ذَلِكَ لَمَا ذَكَرَ الْقُرْعَةَ فِي الْغَايَةِ وَصَحَّ مِنْ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذِكْرُ الْقُرْعَةِ وَالْمُرَاضَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute