التَّصَرُّفَ لِأَجْلِ الْمِلْكِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ فَالْمِلْكُ غَيْرُ الِاسْتِحْقَاقِ (قُلْتُ) وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ عَلَى مَنْ حَدَّ الدَّلَالَةَ بِالْفَهْمِ قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّلَالَةَ غَيْرُ الْفَهْمِ لِصِحَّةِ قَوْلِنَا فَهِمْت الْمَعْنَى لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ هُنَا وَيَقُولَ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ فَنَمْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُقَالُ عِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ التَّصَرُّفِ هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ إقْطَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى أَصْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَمَا فِيهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ غَيْرُ التَّصَرُّفِ فَالْمِلْكُ عِنْدَ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الشَّخْصِ لَهُ أَهْلِيَّةٌ فِي كَمَالِ التَّصَرُّفِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ إنَّ الشَّاهِدَ إذَا شَهِدَ بِالْمِلْكِ يَشْهَدُ بِطُولِ الْحِيَازَةِ وَالْحَائِزُ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ لَهُ فَالْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ لَيْسَ هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا هُوَ طُولُ الْحِيَازَةِ مَعَ التَّصَرُّفِ (قُلْتُ) هَذَا صَحِيحٌ وَلَا بُدَّ مِنْ مُسَامَحَةٍ فِي كَلَامِهِمْ وَيَتَأَوَّلُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ أَخْرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ غَيْرِ التَّصَرُّفِ كَاسْتِحْقَاقِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَوْلُهُ " بِكُلِّ أَمْرٍ " أَخْرَجَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقَ بِبَعْضِ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ كَمَنْ اسْتَحَقَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَنَافِعِ فِي الشَّيْءِ فَلَا مِلْكَ لَهُ فِي الشَّيْءِ قَوْلُهُ " جَائِزٍ " أَخْرَجَ بِهِ التَّصَرُّفَ بِغَيْرِ الْأَمْرِ الْجَائِزِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ وَإِضَاعَتَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمِلْكِ.
قَوْلُهُ بِكُلِّ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفِ قَوْلُهُ " فِعْلًا " حَالٌ مِنْ التَّصَرُّفِ قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَذَلِكَ وَأَدْخَلَ فِي الْأَوَّلِ الْفِعْلِيَّ وَالثَّانِي الْحُكْمِيَّ وَلِذَا قَالَ فَيَدْخُلُ مِلْكُ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ لَا فِعْلِيٌّ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ حُكْمًا قَوْلُهُ " لَا بِنِيَابَةٍ " أَخْرَجَ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمًا (قُلْتُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ قَدَّرَ تَصَرُّفَهُ بِكُلِّ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ الْجَائِزَةِ لَمَا مَنَعَهُ مَانِعٌ كَمَنْ تَصَرَّفَ فِعْلًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِثُبُوتِ مِلْكِ الصَّبِيِّ أَوْ السَّفِيهِ كَيْفَ يَصِحُّ وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ قَالُوا وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْحِيَازَةُ فَلَا يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْمِلْكِ (قُلْت) يَشْهَدُونَ بِأَنَّ الدَّارَ فِي حَوْزِ السَّفِيهِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ مَعَ إمْكَانِ تَصَرُّفِهِ فِعْلًا وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute