الْجَوَابُ عَنْ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي سِرِّ كَوْنِهِ عَبَّرَ بِالْقَوْلِ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ بَعْدَهُ رَأَى ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنَهُ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ عَرَّفَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ التِّلْمِسَانِيُّ ابْنُ مَرْزُوقٍ الشَّهَادَةَ بِقَوْلِهِ الشَّهَادَةُ بَيَانُ مُسْتَنَدِ عِلْمٍ أَوْ غَالِبِ ظَنٍّ بِلَفْظٍ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ سُقُوطِهِ أَوْ آيِلٍ إلَيْهِمَا قَالَ فَقَوْلُنَا بَيَانُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْبَيَانَ بِالْخَبَرِ وَغَيْرِ الْخَبَرِ وَالْبَيَانَ الْفِعْلِيَّ وَالْقَوْلِيَّ وَقَوْلُنَا مُسْتَنَدِ عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ أَخْرَجَ بِهِ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ وَقَوْلُنَا أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ أَدْخَلَ بِهِ خَطَّ الشَّاهِدِ وَشَهَادَةَ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ وَقَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِمَا شَهَادَةً قَالَ وَقَوْلِي عَنْ ثُبُوتِ مُتَعَلِّقِ بَيَانٍ أَخْرَجْت بِهِ الْأَخْبَارَ الْمُسْتَكْمَلَةَ بِالْأَوْصَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُسَمَّى شَهَادَةً قَالَ وَيَخْرُجُ أَيْضًا الْإِنْشَاءُ لِأَنَّ قَوْلَنَا ثُبُوتُ حَقٍّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ نِسْبَةٍ خَارِجِيَّةٍ وَالْإِنْشَاءُ لَا خَارِجَ لَهُ وَقَوْلُنَا عَلَى مُعَيَّنٍ أَخْرَجْت بِهِ بَعْضَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثُبُوتِ حَقٍّ أَوْ بِسُقُوطِهِ وَلَيْسَتْ حِكَايَةً بِشَهَادَةٍ لِأَنَّ مَا وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الْأَحْكَامِ يَعُمُّ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مُعَيِّنًا لِقَوْلِهِ حُكْمِيٌّ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِيٌّ عَلَى الْجَمَاعَةِ إلَّا لِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ قَالَ وَالْآيِلُ إلَيْهِ كَتَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ بِهِ وَسُقُوطُهُ كَالشَّهَادَةِ بِأَدَائِهِ وَالْآيِلُ إلَيْهِ كَتَجْرِيحِ الشَّهَادَةِ وَحَصَلَ مِنْ هَذَا الرَّسْمِ أَنَّ الشَّهَادَةَ خَبَرٌ خَاصٌّ فَكُلُّ شَهَادَةٍ خَبَرٌ وَلَا عَكْسَ فَأَنْتَ تَرَى مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِيَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَيَانٌ وَالْقَوْلَ الْخَبَرُ غَيْرُ الْبَيَانِ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَقَعُ بِالْخَبَرِ وَمَا وَقَعَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ الشَّيْءِ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخَبَرُ هُوَ الْجِنْسُ فِي حَدٍّ آخَرَ فَقَالَ عَلَى قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ يُقَالُ فِي رَسْمِهَا خَبَرٌ إلَخْ وَعِنْدِي أَنَّ الشَّيْخَ سَيِّدِي الْفَقِيهَ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا خَصَّ الْجِنْسَ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِذَلِكَ إطْلَاقًا وَفَسَّرَ شَهَادَةَ الزُّورِ بِقَوْلِ الزُّورِ فَعُوِّلَ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا شَرْعًا الْقَوْلُ الْخَبَرِيُّ لَا الْبَيَانُ كَمَا ذَكَرَا أَيْضًا لِيَدْخُلَ التَّحَمُّلُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الشَّهَادَةَ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمًا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خَاصَّةً اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ هُنَا لِلشَّيْخِ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَحْثٌ مَعَ شَيْخِهِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ فِي رَدِّهِ عَلَى الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنِ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ وَأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْجَزُولِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute