للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

كِتَابُ الرُّهُونِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الرَّهْنُ مَالٌ قَبْضُهُ تَوَثُّقٌ بِهِ فِي دَيْنٍ " قَوْلُهُ " الرَّهْنُ " الرَّهْنُ فِي اللُّغَةِ اللُّزُومُ وَالثُّبُوتُ فَمَا ثَبَتَ وَلَزِمَ فَهُوَ رَهْنٌ وَفِي الشَّرْعِ أَخَصُّ وَقَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " مَالٌ " جِنْسٌ مُنَاسِبٌ لِلرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (فَإِنْ قُلْتَ) لِأَيِّ شَيْءٍ عَرَّفَ الشَّيْخُ الِاسْمَ وَتَرَكَ الْمَصْدَرَ وَقَدْ عَرَّفَ الْأَمْرَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَحَقُّهُ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَصْدُقُ عَلَى إعْطَائِهِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ (قُلْتُ) قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الشَّيْخَ رُبَّمَا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ جَوَابٌ فِيهِ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَ مَعْنَى فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنْ صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ عَرَّفَهُمَا وَهُنَا قَدْ ذُكِرَ بَعْدُ أَنَّ إطْلَاقَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى الْمَرْهُونِ أَنَّهُ رَهْنٌ وَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَى ابْنِ شَاسٍ بَعْدُ فِي كَوْنِهِ صَيَّرَ الْمَرْهُونَ رُكْنًا فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ (فَإِنْ قُلْتَ) وَكَيْفَ اعْتَرَضَ هُنَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ رَسْمَهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَصْدَرَ وَهُوَ غَيْرُهُ (قُلْتُ) هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ الرَّهْنِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ إذًا تَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَصِحُّ رَدُّهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ " قَبْضُهُ " هَذَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّهْنَ يَتَقَرَّرُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ صِحَّةُ التَّوَثُّقِ بِهِ قَوْلُهُ " فِي دَيْنٍ " أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي دَيْنٍ وَالدَّيْنُ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ يُقَالُ أَنَّ حَدَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرَّهْنَ يَصِحُّ فِي الْعَارِيَّةِ وَإِطْلَاقَاتِهِمْ تَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قُلْتُ) الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُعَيَّنِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي قِيمَتِهِ إذَا هَلَكَ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ تَأَوَّلُوا مَا وَقَعَ لَهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ ذَكَرَ بَعْدَمَا يُوجِبُ إشْكَالًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ فِي حَدِّهِ هُنَا فَإِنَّهُ قَالَ الْمَرْهُونُ فِيهِ مَالٌ كُلِّيٌّ لَا يُوجِبُ الرَّهْنَ فِيهِ إلَى آخِرِ حَدِّهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فَقَالَ قَوْلُنَا مَالٌ دُونَ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ لِيَشْمَلَ الْكِتَابَةَ وَيَخْرُجُ بِالْكُلِّيِّ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ فَظَهَرَ لِي حِينَ الْإِقْرَاءِ فِي حَدِّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ قُلْتَ إنْ صَحَّ حَدُّ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَذَلِكَ يُوجِبُ عَدَمَ عَكْسِ

<<  <   >  >>