للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ فَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَسْئِلَةِ وَنُجِيبُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ عَنْهُ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمُمْكِنَةِ.

" أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ " فَجَوَابُهُ أَنْ نَقُولَ وَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ سَمَّاهَا صِفَاتٍ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّسْمِيَاتِ وَلِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّهُ سُمِّيَ الثَّوْبُ طَاهِرًا لِمَعْنًى وَكَذَلِكَ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ عَلِمْنَا أَنَّ ثَمَّ مَعْنًى تَقْدِيرِيًّا سَمَّاهُ طَهَارَةً وَاشْتَقَّ مِنْهُ لِلْمَوْصُوفِ مَا يَتَّصِفُ بِهِ فَصَحَّ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ صِفَةَ قَوْلِهِ فِي الْجِنْسِ صِفَةً يَشْمَلُ الصِّفَةَ الْحَقِيقِيَّةَ الْحِسِّيَّةَ وَالْمَعْنَوِيَّةَ وَيَشْمَلُ الصِّفَةَ التَّقْدِيرِيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ وَلِذَا خَصَّصَهَا بِالْحُكْمِيَّةِ وَالْمَقَادِيرُ الشَّرْعِيَّةُ رُبَّمَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهَا صِفَاتِ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ لَمَّا قَسَّمُوا الْوَصْفَ الَّذِي يَقَعُ التَّقَابُلُ بِهِ إلَى أَقْسَامٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُمْ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السَّائِلُ مَضَى فِيهِ عَلَى قَاعِدَةِ أَهْلِ الْمَعْقُولَاتِ فَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمُورَ الِاعْتِبَارِيَّةَ لَا وُجُودَ لَهَا وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا صِفَاتٌ خِلَافًا لِلْحُكَمَاءِ وَعَلَيْهِ أَوْرَدُوا مَا أَوْرَدُوا عَلَى حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ وَلَا يُرَدُّ هَذَا بِوَجْهٍ هُنَا.

" وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي " فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ جَعَلَهَا الشَّارِعُ كَأَنَّهَا ثُبُوتِيَّةٌ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهَا وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيلُ فِي الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ يَصِحُّ بِالْعَدَمِ الْمُقَيَّدِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي الصِّفَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ وَتَعْلِيلُ الْعَدَمِ بِالْعَدَمِ عِنْدَهُمْ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَمَا الْخِلَافُ إلَّا فِي تَعْلِيلِ الْوُجُودِ بِالْعَدَمِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ وَأَمَّا الْمَنْصُوصَةُ تَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ فَصَحَّ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا وَغَرَّ السَّائِلَ مَا وَقَعَ لِأَهْلِ أُصُولِ الدِّينِ وَالْحُكَمَاءِ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً وَذَلِكَ صَحِيحٌ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَاهُ هُنَا.

" وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ " فَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ شُرَّاحِ التَّهْذِيبِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا رَأَيْته فَقَالَ تَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اللَّهُ كَيْفَ يَتَقَرَّرُ مِنْهُ أَنَّ الْجَوَازَ يَجِبُ وَالْجَائِزُ لَا يَجِبُ وَتَقْرِيرُ هَذَا السُّؤَالِ عَلَى مَا فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَشْكَلُ أَنَّ الْجَوَازَ يَكُونُ مَعْلُولًا لِلصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ وَكَيْفَ يَصِحُّ فِي مَعْلُولِ الْمُوجِبِ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا وَهَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا الْجَوَازُ مَعْلُولٌ لِلْإِيجَابِ أَيْ أَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ شَرْعًا كَمَا تَقُولُ الذَّكَاةُ عِلَّةٌ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ وَالذَّكَاةُ تُوجِبُ جَوَازَ الْأَكْلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوهِمُ تَنَاقُضًا بِوَجْهٍ ".

وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ " فَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ سَيِّدِي الْفَقِيهِ الْأَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <   >  >>