لِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ ثُمَّ قَرَّرَهُ بِمَا حَاصِلُهُ مُعَارَضَةٌ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ يَقُولُ مَا ذَكَرْت مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ عِنْدَنَا مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَذَلِكَ بِادِّعَاءِ أَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْمَلْزُومِ وَنَفْيِ لَازِمِهِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَنْعِ أَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ النِّكَاحِ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّ الْمَلْزُومَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَلَاقَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ اللَّازِمِ وَهِيَ هُنَا أَنَّ نِسْبَةَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَى عَدَمِ الْإِرْثِ كَنِسْبَةِ النَّظَرِ الْفَاسِدِ إلَى عَدَمِ الْجَهْلِ وَالنَّظَرُ الْفَاسِدُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنْ نَقُولَ بِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِرْثِ لَا لِعَدَمِ الْإِرْثِ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ يُوجِبُ تَرَتُّبَ بَعْضِ ثَمَرَاتِ الصَّحِيحِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَرَاتِ الصَّحِيحِ الْإِرْثُ وَذَلِكَ يُنْتِجُ إبْطَالَ قَوْلِكُمْ إنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ بِاخْتِصَارٍ وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي فَرَدُّ السَّائِلِ عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالنَّقْضِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَأَنَّ انْفِكَاكَ اللَّازِمِ عَنْ مَلْزُومِهِ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ قَالَ وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فَإِنَّهُ قَدْ يُوجَدُ النَّظَرُ الصَّحِيحُ وَلَا يُوجَدُ الْعِلْمُ لِطَرَيَانِ آفَةٍ وَهَذَا كَلَامٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ وَأَغْلَظَ فِي الْقَوْلِ هُنَا وَأَلْزَمَهُ إلْزَامَاتٍ شَنِيعَةً وَحُقَّ لَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى رَدِّ قَوْلِهِ بِأَدِلَّةٍ جَلِيَّةٍ وَمَا وَقَعَ بِهِ الْوَهْمُ أَنْ بَنَيْنَا عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَنَّ اسْتِلْزَامَ النَّظَرِ عَادِيٌّ فَقَدْ خَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ عَقْلِيٌّ فَإِنَّهُ يَقَعُ الِاسْتِلْزَامُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْآفَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ خُلَاصَةُ الْبَحْثِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْلَا الْخُرُوجُ عَنْ الْمَقْصِدِ لَأَشَرْنَا إلَى بَعْضِ مَا يَرِدُ فِي ذَلِكَ وَتَقَعُ الْمُذَاكَرَةُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُ الْجَمِيعَ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ (فَإِنْ قُلْتَ) يَرِدُ عَلَى رَسْمِهِ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا أَعْمَلَ مُجْتَهِدٌ دَلِيلًا فِي لَازِمِ مَدْلُولٍ قَدْ أَعْمَلَ مُجْتَهِدٌ آخَرُ دَلِيلًا فِي نَقِيضِ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ لِأَنَّ الرَّسْمَ صَادِقٌ عَلَيْهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدٍ بِمُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ بَحْثٌ (فَإِنْ قُلْتَ) رَسْمُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَعُمُّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ ابْتِدَاءً أَوْ وُقُوعًا أَوْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوُقُوعِ وَلَا يَصِحُّ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ ابْتِدَاءً (قُلْتُ) رَسْمُهُ يَعُمُّ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِثَالِ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْفَهْمِ وَلَا يُقْصَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكُرِهَ لِلْخِلَافِ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَقَدْ أَجَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute