ذَلِكَ بَيْعُ نَقْدٍ وَإِذَا بَاعَ جُبَّةً بِدِينَارٍ فِي ذِمَّةٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ ذَلِكَ بَيْعُ أَجَلٍ وَإِذَا بَاعَ دِينَارًا نَقْدًا بِثَوْبٍ فِي ذِمَّةٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ سَلَمًا وَإِذَا بَاعَ ثَوْبًا بِثَوْبٍ نَقْدًا كَانَ بَيْعًا فَحَدُّ الْبَيْعِ صَادِقٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالسَّلَمُ صَادِقٌ عَلَى الثَّالِثِ وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ بَيْعٌ أَيْضًا لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهَا (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَى الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ (قُلْتُ) صِدْقُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ إذَا كَانَ فِيهِ غَيْرُ عَيْنٍ كَانَ مُعَيَّنًا فَكَأَنَّهُ قَالَ غَيْرُ الْعَيْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ مُشَخَّصٌ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ثَوْبٌ مُعَيَّنٌ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدُقُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَيْنٍ وَإِذَا فَهِمْت هَذَا عَلِمْت مَوْقِعَ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ إذَا دُفِعَ عِوَضٌ مُعَيَّنٌ فِي مَعْلُومِ قَدْرٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَجَلٍ هَلْ هُوَ بَيْعُ أَجَلٍ أَوْ سَلَمٍ وَصُورَتُهُ إذَا دَفَعَ بُرْنُسًا مَثَلًا فِي عَشْرَةِ أَقْفِزَةٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي عَبْدٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي عُرُوضٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي وَزْنِ حُلِيٍّ أَوْ تِبْرٍ إلَى شَهْرٍ فَهَذَا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جَوَابِهِ يُقَالُ فِيهِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عُرُوضًا لَا بَيْعُ أَجَلٍ لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَهَذَا هُوَ مَا وَعَدَ بِهِ أَنَّهُ يَأْتِي فِي سِرِّ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَعْطَى بُرْنُسًا فِي عَبْدٍ وَدِينَارًا فِي الذِّمَّةِ إلَى شَهْرٍ فَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ السَّلَمِ (قُلْتُ) وَقَعَ نَظِيرُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرُوا أَنَّ فِيهَا بَيْعًا وَسَلَمًا وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْبَحْثُ فِي كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِدْقِ حَدِّهِ فِي هَذِهِ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُتَأَمَّلُ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا هَذِهِ الصُّورَةَ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَجَازُوهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَذَكَرُوا مَسَائِلَ لَا تَجُوزُ حَيْثُ يَكُونُ فِيهَا رُخْصَةٌ وَعَزِيمَةٌ وَالسَّلَمُ قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَدِلَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعُهُ وَلَوْ بِيعَ مُعَيَّنًا انْفَسَخَ بَيْعُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ هَذَا الْكَلَامُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ مَا يُفْهَمُ بِهِ مُرَادُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَنَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ الْقَوَاعِدَ الْمَذْهَبِيَّةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ بَيْعِ مَا كَانَ مُعَيَّنًا وَبَيْنَ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوَازِمُ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ وَاخْتِلَاقُ اللَّوَازِمِ يُؤْذِنُ بِاخْتِلَافِ الْمَلْزُومَاتِ فَمِنْ لَوَازِمِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَفِي قِيمَتِهِ إنْ فَاتَ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا بِيعَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ الْمَدِينُ وَاسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ بَلْ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِالْمِثْلِ حَتَّى تَبْرَأَ الذِّمَّةُ بِهِ فَإِذَا عَرَفْنَا ذَلِكَ فَكَأَنَّ الشَّيْخَ يَقُولُ مَا ثَبَتَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute