للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِتَعَقُّبِ تَخْرِيج اللَّخْمِيِّ بِالْفَرْقِ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَةِ الزِّبْلِ دُونَ الْعَذِرَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فَارِقًا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمَذْكُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ وَهُوَ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ هِيَ شَرْطٌ فَكَيْفَ يُقَالُ ذَلِكَ هُنَا (قُلْتُ) يُقَالُ ذَلِكَ لِأَنَّ الزِّبْلَ لَمَّا تَقَرَّرَ فِيهِ وُجُودُ الْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَدَمِ نَجَاسَتِهِ فَعِلَّةُ جَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْأَصْلِ لَهَا خُصُوصِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ هِيَ شَرْطٌ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْفَرْعِ بِهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْفَرْقُ هُوَ رَاجِعٌ إلَى أَحَدِ الْمُعَارَضَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَإِلَيْهِمَا مَعًا عَلَى قَوْلٍ فَتَأَمَّلْ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَهَلْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ هُمَا مُعَارَضَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ رَدُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِقَوْلِهِ لَوْ اُعْتُبِرَ هَذَا فَارَقَا مَا صَحَّ تَخْرِيجُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ فِي الزِّبْلِ لِمَالِكٍ مِنْ مَنْعِهِ فِي الْعَذِرَةِ وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يُقَالَ لَوْ صَحَّ اعْتِبَارُ الْفَارِقِ الْمَذْكُورِ فِي الزِّبْلِ وَأَنَّهُ لَا تَلْحَقُ الْعَذِرَةُ بِهِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ لَمَا صَحَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَقِيسَ مَنْعَ بَيْعِ الزِّبْلِ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِمَا وَقَعَ لَهُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ فِي الزِّبْلِ لَوْ اُعْتُبِرَتْ عِنْدَهُ فَارِقًا لَكَانَ فَرْقًا مَانِعًا مِنْ مُسَاوَاةِ نَجَاسَةِ الزِّبْلِ لِنَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ فَنَجَاسَةُ الزِّبْلِ أَخَفُّ وَنَجَاسَةُ الْعَذِرَةِ أَثْقَلُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ مَنْعُ بَيْعِ الزِّبْلِ فِي تَخْرِيجِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَلَمَّا خَرَّجَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ دَلَّ عَلَى إبْطَالِ الْفَارِقِ وَإِلْغَائِهِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ وَالْفَرْقُ بِهِ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ رَدَّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ بِقَوْلِهِ هُوَ بِنَاءً عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَتَرْكُ مُرَاعَاتِهِ لَا يُوجِبُ تَخْطِئَةً قَالَ لَا يَتِمُّ هَذَا رَدًّا عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ ابْنَ الْقَاسِمِ إلْغَاءَ مَانِعِيَّةِ النَّجَاسَةِ فِي الزِّبْلِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتِهَا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِدَلِيلِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ فَسَاوَتْ حِينَئِذٍ الْعَذِرَةُ الزِّبْلَ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ قَصْدُهُ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ لِجَوَازِ اعْتِبَارِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا الْمَعْنَى فَارِقًا عَلَى الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ وَلَا جَوَابَ عَنْهُ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ الْآنَ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ هُنَا وَرَاجِعْ مَا ذَكَرْنَا فِي مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ هَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَمْ لَا وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَذَكَرْنَا هَذَا

<<  <   >  >>