للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ " الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ " يَخْرُجُ بِهِ الْبَيْعُ الْأَخَصُّ لِأَنَّ مِنْ خَاصَّتِهِ كَوْنُ أَحَدِ عِوَضَيْهِ غَيْرَ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ قَوْلُهُ " أَوْ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ " أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفُلُوسَ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّقْدِ لَا حُكْمُ الْعَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُسْتَدِلًّا عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْفُلُوسِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِفُلُوسٍ فَقَدْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ صَرْفًا وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ الْإِطْلَاقُ يَكُونُ مَجَازًا وَيَكُونُ حَقِيقَةً فَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ أَصْلُهُ الْحَقِيقَةُ وَالْحَمْلُ عَلَيْهَا وَاجِبٌ.

وَهَذَا قَدْ قَدَّمْنَا إشْكَالَهُ بِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْمَجَازُ وَالِاشْتِرَاكُ فَالْمَجَازُ مُقَدَّمٌ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ اسْتَدَلَّ بِهَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ وَتَقَدَّمَ لَنَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ بَحْثُ الشَّيْخُ بِمِثْلِ هَذَا وَأَنَّ الْمَجَازَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاشْتِرَاكِ وَصَيَّرَ مَا وَقَعَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ مَجَازًا فَتَأَمَّلْهُ وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ لَا يُقَالُ كَيْفَ جَعَلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَيْعَ جِنْسًا لِلصَّرْفِ وَالْمُتَبَادَرُ فِي الْبَيْعِ مَا تَقَدَّمَ حَدُّهُ أَوْ رَسْمُهُ وَقَدْ زَادَ فِيهِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الصَّرْفُ عَنْهُ وَإِذَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ جِنْسًا لَهُ فَهَذَا فِيهِ تَدَافُعٌ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ لِلْبَيْعِ حَدَّيْنِ حَدَّ الْأَعَمِّ وَحَدَّ الْأَخَصِّ فَاَلَّذِي صَيَّرَهُ جِنْسًا أَعَمَّهُ لَا أَخَصَّهُ وَصَحَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ حَدَّهُ قَبْلُ فَلِذَا عَرَّفَ بِهِ بَعْدُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّ زِيَادَةٌ مَا أَدْخَلَ بِهِ الْفُلُوسَ فَهَلَّا أَتَى بِمَا يَعُمُّ الْفُلُوسَ وَغَيْرَهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا أُجْرِيَ مُجْرَى الْفُلُوسِ يَقُومُ مَقَامَهُ حَتَّى الْجُلُودِ وَمَا شَابَهَهَا (قُلْتُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفُلُوسِ الْكِنَايَةُ عَنْ الَّذِي نَابَ عَنْ النَّقْدَيْنِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّقْدِ وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوَاضِعَ لَكِنْ قِيلَ الْغَالِبُ فِيهَا الْكَرَاهَةُ.

(فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ بَيْعُ ذَهَبٍ مُنْكَرًا وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْمُعَرَّفِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ وَارِدٌ وَيَتَأَكَّدُ لِأَنَّهُ نَكَّرَ الْفُلُوسَ وَلَا فَرْقَ وَلَعَلَّهُ تَبَرَّكَ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ مُعَرَّفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) قِيلَ أَنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسْمَهُ فِيهِ حَشْوٌ لِأَنَّ أَخْصَرَ مِنْ حَدِّهِ أَنْ يُقَالَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِفُلُوسٍ فَأَجَابَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ هَذَا أَبْيَنُ فَهَلْ هَذَا السُّؤَالُ صَحِيحٌ وَجَوَابُهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟

(قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ أَخْصَرَ مِنْ كَذَا فِي لَفْظَيْنِ إذَا كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا وَالْأَخْصَرُ يُؤَدِّي ذَلِكَ وَهُنَا لَوْ قَالَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِفُلُوسٍ فَإِنَّمَا

<<  <   >  >>