للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَلَامِذَتِهِ قَالَ فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ ثَوْبًا عِنْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ تَبَايَعَا ثَوْبًا آخَرَ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَبْلَ اقْتِضَاءِ ثَمَنِ الْأَوَّلِ فَهَذِهِ صُورَةٌ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ فِي الْآجَالِ وَالرَّسْمُ صَادِقٌ عَلَيْهَا وَأَجَابَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ بِمَنْعِ دُخُولِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي مَبِيعٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ الْبَيْعُ لَا الْمَبِيعُ وَالشَّيْخُ قَالَ لَقَبٌ لِمُتَكَرِّرِ بَيْعٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لِشَيْءٍ تَكَرَّرَ فِيهِ بَيْعٌ فَهَلْ هَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ.

(قُلْتُ) هُوَ حَسَنٌ وَنَاقَشَهُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الشَّيْخِ إلَّا أَنَّ فِيهِ عِنَايَةً فَإِنَّ لَفْظَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ نُبَلَاءِ الطَّلَبَةِ سُؤَالًا قَرِيبًا مِنْ هَذَا السُّؤَالِ وَهُوَ يَقُولُ يَنْظُرُ مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ تَكَرُّرُ الْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا يُتَأَمَّلُ.

(فَإِنْ قُلْتَ) أَوْرَدَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ سُؤَالًا فَقَالَ مِنْ أَيْنَ يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ فِي رَسْمِهِ وَبُيُوعُ الْآجَالِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَجَلِ (قُلْتُ) ظَهَرَ لِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ رَاجِعٌ إلَى الْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ هُوَ لَفْظٌ لِمَا تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُؤَجَّلُ وَهَذَا وَإِنْ صَحَّ الْجَوَابُ بِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ قَصْدُهُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أُخْرَى.

وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى مَا يَعُمُّ الْخِلَافُ مِمَّا تَقَعُ فِيهِ التُّهْمَةُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِينَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِينَةِ تَقَعُ التُّهْمَةُ فِيهِمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِالْأَجَلِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ قَبْلَ اقْتِضَائِهِ فِي رَسْمِهِ يُضْعِفُ هَذَا الْجَوَابَ.

(فَإِنْ قُلْتَ) الصُّوَرُ الَّذِي رَتَّبُوا عَلَيْهَا مَسَائِلَ الْبَيْعِ اللَّقَبِيِّ أَصْلُهَا فِي تَأْجِيلِ الثَّمَنِ (قُلْتُ) قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْبَيْعَتَيْنِ إذَا كَانَتَا نَقْدًا فَلَا تُهْمَةَ فِيهِمَا عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ الْعِينَةِ وَالتُّهْمَةُ يُحْكَمُ بِهَا فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ نَقْدًا وَالثَّانِي مُؤَجَّلًا فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ فِي بَابِ بُيُوعِ الْآجَالِ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ هُوَ فِي مَوَاطِنِ مَظِنَّةِ التُّهْمَةِ وَالرَّسْمُ لِلْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْهَا وَالْفَاسِدُ كَمَا قَدَّمْنَا وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ هُنَا كَلَامًا وَأَبْحَاثًا لَا بُدَّ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى بَعْضِهَا لِيَحْصُلَ لِطَالِبِهِ فَهْمُهُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهَا وَلَمَّا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْحَدِّ اللَّقَبِيِّ لَقَبٌ لِمَا يُفْسِدُ بَعْضَ صُوَرِهِ مِنْهَا لِتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ بِأَنَّهُمَا قَصَدَا إلَى ظَاهِرٍ جَائِزٌ لِيَتَوَصَّلَا بِهِ إلَى بَاطِنٍ مَمْنُوعٍ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ فَلْنُنَبِّهْ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ بَعْضِ لَفْظِهِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ " لَقَبٌ لِمَا يُفْسِدُ بَعْضَ صُوَرِهِ " أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِبَيْعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ بَعْضُ الصُّوَرِ الْفَاسِدَةِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَالصُّوَرُ الْفَاسِدَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا كَانَ بِنَصٍّ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَمِنْهَا مَا مُنِعَ لِلتُّهْمَةِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً

<<  <   >  >>