للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّازِلَةِ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ بِضَمَانِ الْمُبْضَعِ مَعَهُ إذَا أَثْبَتَ مَا ذَكَرَ، وَقَالَ آخَرُونَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِي وَانْتَصَرْت لَهُ بِمَسَائِلَ مَذْهَبِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ شَبِيهَةٌ بِالنَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا أَثْبَتَ الْعُذْرَ؛ لِلْإِيدَاعِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إشْهَادٌ عَلَى الْإِيدَاعِ كَمَا صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ.

" الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى " الشَّاهِدَةُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيمَنْ نَهَى رَجُلًا عَنْ الْخُرُوجِ بِالْمَالِ مِنْ مِصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إلَى إفْرِيقِيَّةَ عَيْنًا، ثُمَّ رَجَعَ بِهِ عَيْنًا قَبْلَ التَّجْرِبَةِ بِمِصْرَ فَخَسِرَ أَوْ ضَاعَ قَالَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَجْهُ الشَّبَهِ بِقِيَاسٍ تَمْثِيلِيٍّ فَيُقَالُ مَالٌ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ تَعَدَّى فِي الْخُرُوجِ، ثُمَّ عَادَ سَلِيمًا إلَى مَوْضِعٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَهَلَكَ فَلَا يَقَعُ الضَّمَانُ فِيهِ أَصْلُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَالُ بِإِبْدَاءِ فَارَقَ بِالْإِذْنِ الْجُزْئِيِّ فِي صُورَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِذْنِ الْكُلِّيِّ فِي الصُّورَةِ الْوَاقِعَةِ وَالْإِذْنُ الْجُزْئِيُّ أَقْوَى مِنْ الْكُلِّيِّ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلَّةُ الْمَنْصُوصَةُ الَّتِي ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى مِصْرَ هَذِهِ الْعِلَّةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَاعَى فِيهَا الْإِذْنُ الْعَامُّ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِذْنَ الْخَاصَّ وَهُوَ التَّجْرُ فِي بَلَدِ مِصْرَ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ قُلْنَا بِمَا يُنَاسِبُ بَسَاطَةَ الْعِلَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي قُلْنَا بِمَا يُنَاسِبُ تَرْكِيبَهَا وَبَسَاطَتَهَا أَوْلَى.

" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ " مَنْ أَنْفَقَ وَدِيعَةً، ثُمَّ رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا فَقَدْ قَالَ فِيهَا لَا ضَمَانَ فِيهَا بَعْدَ ضَيَاعِهَا وَهِيَ أَحْرَوِيَّةٌ فِي النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا ضَمَانَ مَعَ رَدِّ الْمِثْلِ فَأَحْرَى مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ اُنْظُرْهُ وَالِاسْتِدْلَالُ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ عَلِمَ مَا فِي النَّازِلَةِ مِنْ الْخِلَافِ.

" الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ " مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ مَنْ اسْتَوْدَعَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا، ثُمَّ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ، ثُمَّ هَلَكَ ذَلِكَ فَقَالَ رَبُّهُ هَلَكَ بِيَدِك قَبْلَ رَدِّهِ وَقَالَ الْمُودِعُ إنَّمَا هَلَكَ بَعْدَ الرَّدِّ قَالَ صَدَقَ الْمُودِعُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ رَدَّهُ قَالَ وَهَذَا إذَا أَقَرَّ وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بَيِّنَةٌ بِالرَّدِّ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَنُقِلَ عَنْ سَحْنُونَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ تَسَلُّفِهَا وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ الْإِجْرَاءِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا قَرَّرْنَا أَنَّ تَسَلُّفَ الْوَدِيعَةِ أَقْوَى لِتَلَفِ الْعَيْنِ وَالْعَيْنُ هُنَا قَائِمَةٌ فَتَأَمَّلْهُ وَتَقَدَّمَ بَحْثٌ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي غَيْرِ هَذَا حَذَفْنَاهُ لِطُولِهِ.

" الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ " الشَّاهِدَةُ لِلنَّازِلَةِ مَا ذَكَرَهُ

<<  <   >  >>