للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ " بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ " ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ، وَقَدْ نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ قِرَاضٌ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْجُزْءِ أَنْ يَعْلَمَ نِسْبَتَهُ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِجُزْءٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الدِّرْهَمُ وَمَا شَابَهَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ نِسْبَةٌ قَوْلُهُ " مَالٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ تَمْكِينِ غَيْرِ الْمَالِ وَأَطْلَقَ فِي الْمَالِ وَظَاهِرُهُ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا لِيَعُمَّ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ قَوْلُهُ " لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ " أَخْرَجَ بِهِ تَمْكِينَهُ لِغَيْرِ التَّجْرِ قَوْلُهُ " بِجُزْءٍ " أَخْرَجَ بِهِ مِنْ تَمْكِينِهِ لِيَتَّجِرَ بِهِ بِضَاعَةً وَقَوْلُهُ " مِنْ رِبْحِهِ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِجَارَةَ عَلَى التِّجَارَةِ قَوْلُهُ " لَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ " أَخْرَجَ بِذَلِكَ إذَا مَكَّنَهُ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالٍ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ وَعَبَّرَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِيهِ.

(فَإِنْ قُلْت) قَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقِرَاضَ الْفَاسِدَ يَدْخُلُ فِي حَدِّهِ كَالْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْسُمُ فِي غَالِبِ أَمْرِهِ الْمَاهِيَّةَ الصَّحِيحَةَ (قُلْت) هَذَا اخْتَلَفَ فِيهِ حَالُهُ فِي رَسْمِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَبْلَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ.

(فَإِنْ قُلْت) قَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْبَرَكَةُ سَيِّدِي أَبُو قَاسِمٍ الْبُرْزُلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّيْخَ رَسَمَ الْقِرَاضَ مَرَّةً بِقَوْلِهِ عَقْدٌ عَلَى التَّجْرِ بِالْمَالِ بِقَدْرٍ لَا مِنْ غَيْرِ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ قَالَ وَعَلَى كُلِّ اعْتِرَاضٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْحَدَّيْنِ فَمَا هُوَ الِاعْتِرَاضُ (قُلْت) الْحَدَّانِ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا هُمَا اللَّذَانِ ذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي الثَّانِي، وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الثَّانِي فَلَعَلَّهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ مَا ذَكَرَ فِي جِنْسِ الثَّانِي الْعَقْدَ وَفِي الْأَوَّلِ التَّمْكِينُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ اعْتِرَاضٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَذْكُورِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْحَدِّ الثَّانِي الْقِرَاضُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِ كَمَا أُورِدَتْ عَلَى حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَخْرُجُ عَنْ الْحَدِّ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَعْطَى رَجُلًا مَالًا يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَإِنَّمَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْحَدِّ أَنَّ جُزْءَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ لَا كُلَّهُ فَإِذَا كَانَ كُلُّهُ فَلَيْسَ بِقِرَاضٍ.

وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَجَازَهَا فِيهَا وَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى عَامِلِهَا وَخَالَفَ سَحْنُونٌ فِيهَا وَفِيهَا أَقَاوِيلُ مَعْلُومَةٌ وَتَعَالِيلُ مَرْسُومَةٌ وَيَظْهَرُ قَوْلُ سَحْنُونَ

<<  <   >  >>