مَصْدَرًا " وَهُوَ نُصِبَ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ " إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا " قَوْلُهُ " إعْطَاءُ " مُنَاسِبُ جِنْسِيَّةِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ مَقُولَتِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) التَّمْلِيكُ وَالْإِعْطَاءُ هَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ (قُلْتُ) مَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ فِي حَدِّ الْعَطِيَّةِ فِي بَابِ الْهِبَةِ مَعَ مَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى التَّرَادُفِ لِأَنَّهُ قَالَ الْعَطِيَّةُ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاءً قَالَ فَيَدْخُلُ الْحَبْسُ وَالْهِبَةُ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ " مَنْفَعَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ إعْطَاءَ ذَاتٍ كَالْهِبَةِ قَوْلُهُ " شَيْءٍ " أَطْلَقَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّيْءِ وَلَمْ يَقُلْ مَنْفَعَةِ مَالٍ أَوْ مُتَمَوِّلٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ أَعَمُّ لَكِنَّهُ رَأَى تَخْصِيصَهُ بِمَا فِي كَلَامِهِ مِنْ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَذَلِكَ يَخُصُّ الشَّيْءَ بِالْمُتَمَوَّلِ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْءُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَرَضِينَ وَالرِّبَاعِ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَالْعَيْنِ أَمَّا الْأَرْضُ وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا فَلَا شَكَّ فِي تَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا وَالْحَيَوَانُ جَائِزٌ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَالطَّعَامُ قَالُوا لَا يَصِحُّ حَبْسُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَوَقَعَ فِي السَّمَاعِ كَرَاهِيَةُ الْحَبْسِ فِيهَا قَالَ وَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ كَانَ مِلْكًا لِآخِرِ الْعَقِبِ إنْ كَانَ مُعَقِّبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَقِّبًا رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَيَرْجِعُ مِلْكًا قَالَ الشَّيْخُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَبْسٍ لِأَنَّ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْحَبْسِ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهِ فَإِذَا صَحَّ مَا ذَكَرْنَاهُ كَانَ حَدُّهُ غَيْرَ مَانِعٍ لِدُخُولِ مَا لَيْسَ بِحَبْسٍ فِيهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِأَنَّ خَاصِّيَّةَ الْحَبْسِ قَدْ ذَهَبَتْ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَمَّا ذَكَرَ فِي حَدِّهِ مُدَّةَ الْوُجُودِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ وُجُودِهِ وَحُصُولِ مَنْفَعَتِهِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيمَا تَذْهَبُ عَيْنُهُ كَالطَّعَامِ وَالْعَيْنِ هَذَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ لَازِمًا بَقَاؤُهُ إلَخْ يُخْرِجُ هَذَا أَيْضًا (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا اكْتَرَى أَرْضًا عَشْرَ سِنِينَ لِيُصَيِّرَهَا حَبْسًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَيْفَ يَصْدُقُ عَلَيْهَا حَدُّ الشَّيْخِ (قُلْتُ) هَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرُوهَا فِي الْحَبْسِ وَقَالُوا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْبِسُ مَالِكَ الرَّقَبَةِ بَلْ هُوَ أَعَمُّ كَالْمَنْفَعَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بِأُجْرَةٍ فَيَحْتَاجُ هُنَا إلَى تَأَمُّلٍ فِي دُخُولِهَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلُهُ " مُدَّةَ وُجُودِهِ " أَخْرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةَ وَالْعُمْرَى وَالْعَبْدُ الْمُخْدِمُ حَيَاتَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّهِ كَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَخُرُوجُ الْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مُدَّةَ وُجُودِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ يَمُوتُ هُوَ خَارِجٌ أَيْضًا لِأَنَّ اللُّزُومَ فِي بَقَاءِ الْمِلْكِ يُخْرِجُ ذَلِكَ وَلِذَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute