بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْقَضَاءِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ أَوْ تَجْرِيحٍ لَا فِي عُمُومِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ " الْقَضَاءُ لُغَةً يَصْدُقُ عَلَى الْحُكْمِ تَقُولُ قَضَى فُلَانٌ بِمَعْنَى حَكَمَ وَفَصَّلَ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْأَمْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء: ٢٣] الْآيَةَ وَلَمَّا كَانَ مَدْلُولُهُ اللُّغَوِيُّ الْفَصْلُ أَوْ الْأَمْرُ وَكَانَ الْقَاضِي فِي عُرْفِ الشَّرْعِ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ لَهُ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ يُوجِبُ نُفُوذَ حُكْمِهِ عِلْمُنَا أَنَّ هُنَاكَ حُكْمًا وَنُفُوذَ حُكْمٍ وَمَعْنًى حُكْمِيًّا يُوجِبُ النُّفُوذَ كَمَا تَعَقَّلْنَا طَهَارَةً وَتَطْهِيرًا وَفَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا شَرْعًا فَرَّقْنَا هُنَا بَيْنَ الْحُكْمِ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الْحُكْمِيَّ هُنَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ نُفُوذَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْحُكْمِيِّ فِي الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ جَوَّزَ الِاسْتِبَاحَةَ وَلَمَّا رَأَى الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الشَّرْعِ مَعْنًى حُكْمِيٌّ أَتَى بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَرُدَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ لِقُصُورِهِ عَلَى الْفَصْلِ الْفِعْلِيِّ وَالْقَضَاءُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِي لَهُ مَعْنًى أَوْجَبَ لَهُ نُفُوذَ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِي عُرْفًا مَنْ كَانَ بِهِ مَعْنًى اخْتَصَّ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ شَرْعًا فَصَلَ أَوْ لَمْ يَفْصِلْ قَوْلُهُ " صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ " تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مَعْنَى ذَلِكَ وَيَأْتِي هُنَا مِنْ الْبَحْثِ مِثْلُ بَعْضِ مَا هُنَاكَ قَوْلُهُ " تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا " صَيَّرَهَا سَبَبًا فِي نُفُوذِ الْحُكْمِ وَمَعْنَى نُفُوذِهِ إمْضَاؤُهُ وَالنُّفُوذُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الْإِمْضَاءِ وَبِالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى الْفَرَاغِ وَقَدْ كُنَّا بَيْنَ يَدَيْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِقَابٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ يُفَسِّرُ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ بَعْضَ ظَوَاهِرِ الطَّلَبَةِ آيَةَ قَوْلِهِ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الرحمن: ٣٣] الْآيَةَ
وَصَرَّحَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَسَمِعَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ لَهُ الْآيَةَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِمْضَاءُ وَالْمُهْمَلَةُ الْمُرَادُ مِنْهَا الْفَرَاغُ قَالَ تَعَالَى {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} [الكهف: ١٠٩] الْآيَةَ وَقَوْلُ الشَّيْخِ نُفُوذُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَخْرَجَ بِذَلِكَ مَنْ لَيْسَ لَهُ تِلْكَ الصِّفَةِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute